من الإجراءات البالغ الأهمية في الدعوى القضائية “التبليغ”، وليس من حق المحكمة النظر في أيّة دعوى دون التحقق من اكتمال إجراءاته، فهو إعلام المدعى عليه أن هناك دعوى ضده أو أن هناك إجراء تم اتخاذه ويجب نظاماً إبلاغه به.
ولا تنعقد الخصومة القضائية بين المدعي والمدعى عليه إلا بعد إبلاغ الأخير بأن هناك قضية ويجب حضوره فيها، ومن النقاط المهمة المتعلقة بإجراءات التبليغ؛ تبليغ من له محل إقامة معروف داخل، فقد أوضحت المادة الحادية عشر من نظام المرافعات الشرعية أنه يتم تبليغ الخصوم بطلبات الحضور للمحكمة بواسطة المُحضرين وهم موظَّفون رسميون في المحكمة تنحصر مُهمتهم في إيصال طلبات الحضور إلى المطلوب حضورهم وفق نماذج وآليات مُعتَمَدة.
وفي الفقرة الثانية من المادة الحادية عشر من نظام المرافعات الشرعية أجيز الاستعانة بالقطاع الخاص في تحضير الخصوم، إلا أنه حتى الآن لم تتم الاستعانة بهم في القيام بإجراءات التبليغ، أما المادَّة الثانية عشر من النظام فحددت وقت التبليغ بطلبات الحضور بأن يكونَ في أيام العمل الرسْمِيَّة نهارًا مِن شُروق الشمس إلى غروبها، ولا يجوز التبليغ في أيام العطل الرسْمِيَّة أو في الليل إلا في حالات الضرورة وبإذن كتابيٍّ من القاضي ناظر القضية.
وإذا جرى التبليغ في الأوقات الممنوعة، وحضر المدعى عليه في الموعد المحدد فيكون التبليغ صحيحًا، ويترتب عليه جميع إجراءاته وذلك لتحقق الغاية من التبليغ وهو حضور المدعى عليه، أما اذا لم يحضر وتم الحكم عليه غيابياً فإنه يجوز الطعن على التبليغ أنه لم يتم بالطرق النظامية الصحية ويكون سببًا ناقضًا للحكم.
والتبليغ يجب أن يكونَ من نسختَيْن متطابقتين إحداهما أصل والأخرى صورة، وإذا تعدد من وجِه إليهم تعيَّن تعدُّد الصور بقدر عددهم. ويجب أن يشتمل التبليغُ على الموضوع وتاريخه والاسم الكامل للمدعي والمدعى عليه ومهنته أو وظيفته ومحل إقامته. كذلك يجب أن يتضمن خطاب التبليغ اسم المحضر والمحكمة التي يعمل لديها، واسم مَن سُلِّمتْ إليه صورة ورقة التبليغ، وصِفته، وتوقيعه على أصلها، أو إثبات امتناعه وسبَبه، كما يجب إرفاق صُورةِ ورَقَةِ التبليغ بصورةٌ من صحيفة الدعوى.
ويسلم المحضَرَ صورة التبليغ إلى مَن وجهت إليه الدعوى في محل إقامته أو عمله إن وُجد، وإلا فيسلِّمها إلى مَن يوجد في محل إقامته من الساكنين معه مِن أهله، وأقاربه، وأصهاره، أو من يوجد ممن يعمل في خدمته، فإذا لم يوجدْ منهم أحدٌ، أو امْتَنَع مَن وجد عن التسلم، فيسلم الصورة بحسب الأحوال إلى عُمدة الحي، أو قِسْم الشرطة، أو رئيس المركز، أو شيخ القبيلة، الذين يقَع محل إقامة الموجه إليه التبليغ في نطاق اختصاصهم حسب الترتيب السابق، وعلى هؤلاءِ إفادةُ المحكمة- خلال ثلاثة أيام- بما اتخذ من إجراءٍ حيال صورة التبليغ المسلم لهم من المحضر.
وأوجبت المادة الخامسة عشر من نظام المرافعات الشرعية على مراكز الشرطة وعمد الأحياء وشيوخ القبائل ومعرفيها أن يُساعدوا محضر المحكمة على أداء مُهمته في حُدُود الاختصاص.
أما تبليغ من ليس له محل إقامة معروف في المملكة فيكون مِنْ قِبَل إمارة المنطقة، أو المحافظة، أو المركز الذي تكون فيه المحكمة باستعمال الطرق الإدارية المتَّبَعة، وفق ما ورد في الفقرة الثالثة من المادة السابعة عشر من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية، وللقاضي أن يعلنَ عن طلب الموجه إليه التبليغَ في إحدى الصُّحف المحلية التي يراها محقِّقة للمقصود، كما أنه إذا تعذر تبليغ من لا يعرف عنوانه أو امتنع عن الحضور بعد تبليغه فللمحكمة “عند الاقتضاء” أن تأمر بإيقاف خدماته لدى الجهات الحكومية.
ويبقى النوع الثالث من التبليغ وهو الخاص بالمقيم في بلد أجنبي “تبليغ المقيم خارج المملكة العربية السعودية” فتُرسل الأوراق المراد تبليغها إلى وزارة الخارجية لتوصيلها بالطرق الدبلوماسية، ويكتفي بالرد الذي يفيد وصول الصورة إلى الشخص الموجه إليه التبليغ، ويراعى في التبليغ تطبيق المعاهدات والاتفاقيات بين الدول في ما يخص ذلك، كما تضاف مدة ستين يوماً إلى المواعيد المنصوص عليها نظاماً لمن يكون مكان إقامته خارج المملكة، وللمحكمة عند الاقتضاء زيادة المدة لمدد مماثلة.