حدد نظام الإجراءات الجزائية في المملكة العربية السعودية حالات عدة لانقضاء الدعوى الجزائية العامة والخاصة.
وبداية نتطرق إلى أسباب أو دوافع انقضاء الدعوى العامة وهي إصدار حكم نهائي، والحكم البات هو ما استنفذ كل طُرق الطعن مثل أن تصدق هيئة التمييز على الأحكام الصادرة من المحاكم الجزائية والعامة، عفو ولي الأمر فيما يدخله العفو، ما تكون التوبة فيه بضوابطها الشرعية مُسقطة للعقوبة مثل تارك الصلاة يستتاب 3 أيام وأيضًا ساب الله ورسوله يستتاب على اختلاف أقوال العلماء في إيقاع العقوبة بعد التوبة)، وفاة المتهم (ولا يمنع ذلك من الاستمرار في حق الدعوى الخاص) والدعوى الجنائية تسقط لكن المدنية مثل التعويض وغيرها فإنها لا تسقط ويجب على الورثة تعويض المضرور من تركة الجاني.
أما الدعوى الجزائية الخاصة تنقضي في الحالتين التاليتين: صدور حكم نهائي، وعفو المجني عليه أو ورثتهو (ولا يمنع عفو المجني عليه أو ورثته من الاستمرار في دعوى الحق العام).
ومن الملاحظ أن المشرّع السعودي لم يتطرق إلى التقادم كأحد أسباب انقضاء الدعوى الجنائية، رغم أنه في الغالب لا يوجد في الفقه الإسلامي ما يسمى بالتقادم ولكن يوجد حالة عدم سماع الدعوى، فبعض الفقهاء قالوا إن مرور ستة أشهر على عدم قيام المجني عليه أو الحسبة (المدعي العام حاليًا) برفع الدعوى فإنها تسقط وقيل إن هذه المدة تتعلق بالجرائم التي حق الله فيها غالب، ولكن بعض الفقهاء قالوا شهر واحد للجرائم التي حق الله فيها غالب أما الجرائم التي حق العبد فيها غالب مثل القصاص فإنها لا تسقط بالتقادم.
وورد خبر صحافي في جريدة “عكاظ” العام 1433هـ جاء فيه “وأكدت مصادر مطلعة، أن المدعي العام وجه للقتيل تهمة دخول منزل المدعى عليها والاختلاء المحرم شرعاً، وإقامة علاقة غير شرعية معها عبر الجوال، وقرر حفظ الاتهام بحقه لانقضاء الدعوى الجزائية العامة بوفاته، استنادًا للمادة 22 فقرة 4 من نظام الإجراءات الجزائية، وصادق رئيس الهيئة على قرار حفظ الاتهام”.
ووجه المدعي العام للقتيل اتهامات عدة إلا أنه قام بحفظ الاتهام لوفاته، واستند في قراره بالحفظ إلى نصّ المادة الثانية والعشرون، والتي تنص على أن (تنقضي الدعوى الجزائية العامة في الحالات الآتية…. 4- وفاة المتهم …”، وهنا التبس على المدعي العام أو المحقق في التفرقة بين مفهومي الحفظ والانقضاء.
والانقضاء يعني انقطاع الشيء وتمامه، وهو عند الفقهاء بمعنى الانتهاء وانقطاع الشيء وتمامه، أما مفهوم الحفظ في كتب شراح القانون والفقه فهو احتجاز حق أو الاحتفاظ به حتى أمر جديد أو حتى استحقاق معين، وهذا المعنى هو المقصود بحفظ الدعوى الجنائية إذ يتم احتجاز الدعوى حتى تظهر أدلة جديدة تؤيد استحقاق المدعي لما يدعيه في الحق الخاص، أو أدلة تمكن المدعي العام من تحريك الدعوى العامة.
وفي الخبر المنشور يتضح أن ما قام به المدعي العام هو حفظ الدعوى رغم أن الدعوى انتهت وانقضت بوفاة المتهم، فلم يكن هناك مسوغ لتحريك الدعوى تجاه المتهم ابتداءً، كون الدعوى في مواجهته انقضت بوفاته، وبالتالي قيام المدعي العام بتحريك الدعوى ومن ثم حفظها لم يكن في محله.
صواباتحت رعاية الموقع . كوم
اترك تعليقاً