من الطرق الأخرى للاعتراض على الأحكام القضائية بعد الاستئناف، “النقض” ويكون أمام المحكمة العليا، ولا يتم إلا إذا توافرت إحدى حالاته المنصوص عليها حصراً في النظام، ولا يوقف تنفيذ الحكم إلا إذا قررت المحكمة العليا ناظرة النقض ذلك.
والنقض طريقة جديدة للاعتراض على الأحكام في النظام السعودي ولم يأت عليه المنظم إلا في نظام المرافعات الشرعية الجديد، ولم يُنصّ عليه في النظام السابق للمرافعات الشرعية الملغيّ، وهو يعرف لغويًا بأنه اسم لما ينقض، ومعناه الهدم أو الإبطال، وكاصطلاح قانوني يعرف بأنه أحد طرق الاعتراض غير العادية على الأحكام يطعن به أمام المحكمة العليا على الأحكام النهائية الصادرة عن محاكم الاستئناف؛ بسبب مخالفة الحكم المطعون فيه لقواعد الشريعة الإسلامية أو الأنظمة المستمدة منها أو صدوره عن محكمة غير مختصة.
والحالات التي يجوز فيها الاعتراض بالنقض حالات محددة حصراً لا يمكن مخالفتها، فلا يقبل إلا على الأحكام والقرارات الصادرة أو المؤيدة فقط محاكم الاستئناف (المادة 193من نظام المرافعات الشرعية)، وبالتالي فإن الأحكام الصادرة عن محاكم الدرجة الأولى، لا يمكن الاعتراض عليها بطلب نقضها حتى وإن كانت نهائية بمرور مواعيد الاعتراض عليها ولأي سبب كان، لأن نص المادة 193 من نظام المرافعات الشرعية واضح في اشتراطه أن يكون الحكم صادرًا أو مؤيدًا من محكمة الاستئناف.
وهناك أربع حالات اشترطها النظام حتى يقبل الاعتراض وينقض الحكم، الأولى؛ مخالفة الحكم أحكام الشريعة الكلية أو الجزئية وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض معها؛ لأن كل حكم صادر بالمخالفة لأي نص نظامي ساري المفعول يكون واجب النقض والإلغاء، أما الحالة الثانية؛ صدور الحكم من محكمة غير مشكلة تشكيلاً سليماً طبقاً لما نصّ عليه النظام، والحالة الثالثة؛ صدور الحكم من محكمة أو دائرة غير مختصة، والحالة الرابعة؛ الخطأ في تكييف الواقعة أو وصفها وصفاً غير سليم، ويعتبر فهم واقعة الدعوى وتقديرها من القاضي وتكييفها من صميم اختصاصه وعمله، إلا أن ذلك الأصل ليس على إطلاقه بل يخضع للاستئناف والنقض وبعد ذلك للتدقيق على حسن الاستنباط والتكييف والوصف والتكييف النظامي والشرعي السليم، بحيث لا تتعارض مع المستندات الشرعية الموجودة في ملف الدعوى؛ حتى يمكن معرفة الحكم الشرعي والنظامي الذي ينطبق على تلك الواقعة.
ومن شروط الطعن بالنقض توافر المصلحة للطاعن والصفة في كل من الطاعن (المدعي) والمطعون ضده (المدعى عليه)، بمعنى أن يقدم الطعن ممن يدعي لنفسه حقًا على من اعتدى عليه أو هدد بالاعتداء عليه، وإلا يكون الطاعن قبل الحكم صراحة أو ضمنَا، وأن يتم رفع الطعن في الميعاد النظامي بالإضافة إلى أن يكون محل الطعن الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف، ولا يجوز الاعتراض على الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها إلا مع الاعتراض على الحكم الصادر في الموضوع ذاته.
كما يجوز الاعتراض على الحكم الصادر بوقف الدعوى وعلى الأحكام الوقتية والمستعجلة والأحكام الصادرة بعدم الاختصاص قبل الحكم في الموضوع.
وبالنسبة إلى مدد تقديم الاعتراض بطلب النقض للأحكام، فقد حددته المادة (194) من نظام المرافعات الشرعية فنصّت على (أن مدة الاعتراض بطلب النقض ثلاثون يوماً، وتستثنى من ذلك الأحكام الصادرة في المسائل المستعجلة فتكون خمسة عشر يوماً، فإذا لم يودع المعترض اعتراضه خلال هاتين المدتين سقط حقه في طلب النقض)، وتبدأ مدة الثلاثين يومًا من تاريخ صدور الحكم بحسب التفصيل الوارد في المواد 179-180 من نظام المرافعات الشرعية ولوائحه التنفيذية.
صواباتحت رعاية الموقع . كوم
اترك تعليقاً