تحرص حكومة المملكة العربية السعودية على رعاية حقوق المواطن من خلال تشريع الكثير من الأنظمة القانونية التي تمسّ حياته الخاصة ومستقبل أبنائه وتتيح له المطالبة بحقوقه كافة، ومن تلك التشريعات نظام مزاولة المهن الصحية الصادر بموجب المرسوم الملكي الكريم رقم (م/59) بتاريخ 11 ذو القعدة 1426هـ كما صدرت اللائحة التنفيذية للنظام بقرار معالي وزير الصحة رقم (396444/1/12) وتاريخ 14/ 05 /1427هـ.
فهذا النظام يوضح واجبات الممارس الصحي وحدود مسؤولياته بما يخدم الفرد والمجتمع ويكفل احترام حق رعاية المريض وسلامته، وينصّ في مادته الأولى المقصود بالممارس الصحي؛ إذ يعتقد البعض أن الممارس الصحي هو الطبيب المعالج فقط وهذا اعتقاد خاطئ فذكرت هذه المادة أنه كل من يرخص له بمزاولة المهن الصحية وتشمل الفئات الآتية: الأطباء البشريين، وأطباء الأسنان، والصيادلة الأخصائيين، والفنيين الصحيين في الأشعة، التخدير، التمريض، المختبر، الصيادلة، والبصريات، والوبائيات، والأطراف الصناعية والعلاج الطبيعي ورعاية الأسنان وتركيبها والتصوير الطبقي، والعلاج النووي، وأجهزة الليزر والعمليات والاخصائيين النفسيين والاجتماعيين وأخصائيي التغذية والصحة العامة، والقبالة والإسعاف، ومعالجة النطق والسمع، والتأهيل الحرفي والعلاج الحرفي والفيزياء الطبية، وغير ذلك من المهن الصحية الأخرى التي تم الاتفاق عليها بين وزيري الصحة والخدمات المدنية والهيئة السعودية للتخصصات الصحية.
وتحظر المادة الثانية من النظام على الممارس أداء عمله إلا بعد الحصول على ترخيص من وزارة الصحة، وقد سردت الاشتراطات للحصول على هذا الترخيص، ومن أهمها الحصول على المؤهل المطلوب للمهنة، كما بيّنت الفقرة الثانية من اللائحة التنفيذية أنه لا يجوز ممارسة العلاج الشعبي إلا بترخيص من الجهة المختصة بناء على شروط وضوابط معتمدة، ويخضع إلى المسؤوليات المهنية الواردة بنظام مزاولة المهن الصحية.
وأورد النظام في مادته الخامسة أن (يزاول الممارس الصحي مهنته لمصلحة الفرد والمجتمع في نطاق احترام حق الإنسان في الحياة وسلامته وكرامته مراعيًا في عمله العادات والتقاليد السائدة في المملكة مبتعدًا عن الاستغلال) وما ورد في هذه المادة حق أصيل للمريض، كما يلتزم الممارس بمعاونة السلطات المختصة في أداء واجبها من حماية الصحة العامة ودرء الأخطار.
وعلى الممارس الصحي أيضًا تقديم الرعاية الطبية العاجلة للمريض الذي يحتاج إليها دون طلب أتعابه مقدمًا، واذا كانت حالة المريض تستدعي مزيدًا من العناية الطبية التي لا يستطيع الممارس تقديمها فعليه أن يتأكد من توافر وسيلة نقل تنقله إلى أقرب مركز ملائم لعلاجه، وهذا بخلاف ما تطلبه بعض المستشفيات الخاصة من ضرورة الدفع قبل العلاج.
ونصّت المادة السادسة على أن يستهدف العمل الطبي دائمًا مصلحة المريض وعلى الممارس أن يبذل جهده لكل مريض، كما نصّت المادة الخامسة عشر على أنه يجب على الممارس الصحي إجراء التشخيص بالعناية اللازمة مستعينًا بالوسائل الفنية الملائمة وبمن تستدعي ظروف الحالة الاستعانة بهم من الاخصائيين أو المساعدين، وأن يقدم للمريض ما يطلبه عن حالته الصحية ونتائج الفحوصات مراعيًا في ذلك الدقة والموضوعية، كذلك يتم الالتزام بهذه التعليمات في إصدار التقارير الطبية.
وجاء في المادة التاسعة عشر أنه يجب إجراء أي عمل طبي لمريض إلا برضاه أو موافقة من يمثله أو ولي أمره، ويستثنى من ذلك حالات الحوادث أو الطوارئ التي تستدعي تدخلا لإنقاذ حياة المصاب أو عضو من أعضائه، وكل ذلك تماشيًا مع مضمون خطاب المقام السامي رقم 4/2428/م وتاريخ 29 /07 /1404هـ المبني على قرار هيئة كبار العلماء رقم 119 وتاريخ 26/ 05 /1404هـ .
ويجب على الممارس الصحي المحافظة على الأسرار التي علم بها عن طريق مهنته ولا يجوز له إفشاؤها إلا في حال الإبلاغ عن حالة وفاة ناجمة عن حادث جنائي، أو الإبلاغ عن مرض سار أو معد، أو دفع الممارس لاتهام وجهه إليه المريض أو ذووه يتعلق بكفاءته أو بكيفية ممارسته المهنية، أو إذا وافق صاحب السر كتابة على إفشائه أو كان الإفشاء لذوي المريض مفيدًا لعلاجه.
ويحظر على الممارس إجهاض أي امرأة حامل إلا إذا اقتضت ذلك ضرورة إنقاذ حياتها، ويجوز ذلك إذا لم يتم الحمل أربعة أشهر، وثبت بصورة أكيدة أن استمراره يهدد صحة الأم بضرر جسيم، وثبت بقرار من لجنة طبية، كما تضمن ذلك قرار هيئة كبار العلماء رقم 140 وتاريخ 20/ 06 /1407هـ.
ونصّت المادة السادسة والعشرون من النظام على التزام الممارس الصحي الخاضع لهذا النظام يعد التزام عناية يقظة تتفق مع الأصول العلمية المتعارف عليها، بمعنى أنه يلتزم بعلاج المريض، وعليه أن يتوخى أصول صناعة الطب المعروفة في العلاج، وعليه أن يبذل العناية المألوفة في تطبيب المريض.
ونصّت المادة السابعة والعشرون على أن كل خطأ مهني صحي صدر من الممارس وترتب عليه ضرر للمريض يلتزم من ارتكبه بالتعويض، وتحدد (الهيئة الصحية الشرعية) هذا التعويض.
ويندرج الخطأ المهني الصحي تحت (الخطأ في العلاج أو نقص المتابعة، الجهل بأمور فنية يفترض فيمن كان في مثل تخصصه الإلمام بها، إجراء العمليات الجراحية التجريبية على الإنسان، إجراء التجارب أو البحوث العلمية غير المعتمدة على المريض، إعطاء دواء للمريض على سبيل الاختبار، استخدام آلات وأجهزة طبية دون علم كافٍ بطريقة استعمالها أو دون اتخاذ الاحتياطات الكفيلة بمنع حدوث ضرر من جراء هذا الاستعمال، التقصير في الرقابة والإشراف، عدم استشارة من تستدعي حالة المريض الاستعانة به، يقع باطلاً كل شرط يتضمن تحديد أو إعفاء الممارس الصحي من المسؤولية)، كما أن الممارس الصحي يكون محلاً للمساءلة التأديبية إذا أخلّ بأحد واجباته المنصوص عليها في نظام مزاولة المهن الصحية.
صواباتحت رعاية الموقع . كوم
اترك تعليقاً