يرتبط القضاء التجاري بشكل أساسي بالحقوق المالية، وهو يطبق مبادئ القانون التجاري، أحد أجزاء القانون الخاص، الذي يحكم العلاقات في عالم الأعمال التجارية والأنشطة المالية.
ويحتاج النشاط المالي إلى القضاء التجاري لسببين أحدهما السرعة فهناك حاجة دائمة إلى وجود قواعد معينة تحكم طبيعة النشاط الذي يمارسه التاجر وتكون أكثر مرونة وأقل شكلية من قواعد القانون المدني، والآخر الائتمان وهو أن يمنح المدين أجلاً للوفاء وهذا ما يحتاج إليه التاجر لتنفيذ تعهداته.
ويحتوي القانون التجاري تبعًا لذلك مجموعة من الأنظمة التي تهتم بإيجاد أدوات للائتمان ومؤسساته مثل نظام الأوراق التجارية، ومن أهم القواعد المؤثرة في القضاء التجاري: حرية الإثبات في المواد التجارية ويترتب عليها جواز عقد الصفقات عن طريق الاتفاقات الشفهية، تبسيط تداول الحقوق الثابتة مثل السند والشيك، احترام العرف التجاري الذي يفسر طبيعة التعاملات التجارية.
ومن المصادر التي تساهم في تكوين الفكر القضائي المتخصص أولًا “فقه المعاملات الشرعية” وهو مصدر شامل يحتوي على الفروع الفقهية والتطبيقات العملية وما يتعلق بفقه المعاملات وأحكام العقود والبطلان والفسخ ونظرية الملكية والضمان، ثانيًا “التشريع التجاري” وهي الأنظمة التي تهتم بتنظيم شؤون الناس ومنهم التجار.
وفي حالة وجود تعارض بين النصّ النظامي التجاري والنصوص النظامية الأخرى خارج الأنظمة التجارية “المدنية” يتعين تغليب الأول حتى ولو كان النص المدني لاحقاً، وكلما كان من درجة واحدة سواءً كانت آمرة أو مفسرة، وإذا اختلفت درجتهما فيلزم الأخذ بالنصّ الآمر حتى لو كان وارداً في التشريع المدني.
والمصدر الثالث “العُرف التجاري والعادات التجارية” وهي قواعد تعارف عليها التجار في تنظيم معاملاتهم مع الالتزام بها، وعلى الرغم من صدور قوانين عدة إلا أن العُرف مازال يمارس دورًا هامًا في بعض المعاملات التجارية.
وفي حالة وجود أي تعارض بين النصوص التجارية والعُرف يجب تغليب النصوص الآمرة، وتغليب العُرف على النصوص التجارية المفسرة.
وأخيرًا “الأحكام والمبادئ القضائية” فالقضاء التجاري من المصادر التفسيرية التي يستخدمها القاضي لاستخلاص القواعد القانونية، وتظهر أهمية تلك المبادئ في سد النقص التشريعي ووضع قواعد جديدة عن طريق تفسير النصوص أو التوفيق بينهما.