من أبرز وسائل الاعتراض على الأحكام القضائية النهائية التي يجهلها الكثيرون من غير المختصين في الشأن القانوني “التماس إعادة النظر”، إلى جانب النقض والاستئناف، ويقصد به طلب أحد الخصوم أو من له علاقة بالحكم وكان حجة عليه، إعادة النظر في القضية بعد صدور حكم نهائي فيها واجب النفاذ.
ويقوم التماس إعادة النظر في الأحكام النهائية على أمرين: الأمر الأول؛ أن يكون الحكم المراد تقديم التماس عليه نهائيًا قابلاً للتنفيذ، والثاني؛ أن يستجد ما يلزم معه النظر في الرجوع عن الحكم، ويجب أن تكون هذه الأمور المستجدة محصورة في حالات محددة مذكورة نصاً وحصراً في المادة (200) من نظام المرافعات الشرعية.
ورجوعًا إلى الشريعة الإسلامية، فإن الأصل في مشروعية التماس إعادة النظر هو قوله تعالى (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ) سورة الأنبياء78-79، كما جاء في تفسير ابن كثير عن ابن مسعود قال (كرْم قد انبتت عناقيده فأفسدته الغنم، قال فقضى داوود بالغنم لصاحب الكرم، وعن- ابن عباس رضى الله عنهما – قال قضى داوود بالغنم لأصحاب الحرث فخرج الرعاء معهم الكلاب، فقال لهم سليمان كيف قضى بينكم؟ فأخبروه فقال لو وليت عليكم أمركم لقضيت بغير هذا، فاخبر بذلك داوود، فدعاه فقال كيف تقضى بينهم؟ قال: ادفع الغنم إلى صاحب الحرث، فيكون له أولادها والبانها ومنافعها، ويبذر أصحاب الغنم لأهل الحرث مثل حرثهم، فاذا بلغ الحرث الذى كان عليه، أخذه أصحاب الحرث وردوا الغنم إلى أصحابها).
ومبدأ التماس إعادة النظر ليس على إطلاقه، فقد توجد بعض الحالات التي لا يجوز فيها مثل الأحكام غير النهائية؛ لقد نصّت المادة (200) من نظام المرافعات الشرعية على (يحق لأي من الخصوم أن يلتمس إعادة النظر في الأحكام النهائية…)، والأحكام النهائية هي الأحكام في الدعاوى اليسيرة التي لا تخضع للاستئناف، والأحكام التي قنع بها المحكوم عليه، والأحكام التي فات آخر ميعاد للاعتراض عليها والأحكام الصادرة أو المصدقة من محكمة الاستئناف.
أما الحالة الثانية لعدم جواز الالتماس هي عدم التمثيل الصحيح في الدعوى إذا كان زوال الصفة عمن يمثله تم بعد إغلاق باب المرافعة؛ لأن الدعوى قد تهيأت للحكم (وفقًا للمادة200/ 1من لائحة نظام المرافعات)، والحالة الثالثة القرار الذي يصدر برفض الالتماس من الجهة المختصة (وفقًا للمادة 204من نظام المرافعات)، والحالة الرابعة إذا تم رفع دعوى بالتماس إعادة النظر، وتم قبوله من حيث الشكل، وتم النظر في الدعوى والالتماس من حيث الموضوع والحكم فيه، فإنه لا يجوز في هذه الحالة إلا إذا استجد سبب آخر (وفقًا للمادة 204 من نظام المرافعات الشرعية).
وتشتمل الحالة الخامسة على عدم جواز الالتماس ممن قبل بالحكم، أو قضى له بكل طلباته، إذ نصّت (المادة 176 من نظام المرافعات الشرعية) على طرق الاعتراض على الأحكام وهي الاستئناف والنقض والتماس إعادة النظر، ونصّت (المادة 177 من نظام المرافعات) على أنه (لا يجوز الاعتراض على الحكم إلا من المحكوم عليه، ولا يجوز ممن قبل الحكم، أو ممن قضى له بكل طلباته ما لم ينصّ النظام على غير ذلك).
كما نصّت المادة 177/1 من لائحة نظام المرافعات على (لا يجوز الاعتراض على الحكم ممن حكم له بكل طلباته، بما في ذلك ولي القاصر وناظر الوقف ومن في حكمهم) وأخذ بذلك قضاء الاستئناف في ديوان المظالم (قرار هيئة التدقيق بديوان المظالم رقم 63/ت/3لعام1428هـ).
صواباتحت رعاية الموقع . كوم
اترك تعليقاً