اصبحت المادة هدفاً أعمى لفئة من الناس وأصبح الوصول الى هذا الهدف يدفعهم الى المستحيل وغير النظامي وغير الشرعي مهما كانت وسائلهم وطرقهم وأساليبهم.. ومهما كانت نتائج ذلك على الآخرين!!
وفي هذا اليوم الذي اصبحت فيه بلادنا جزءاً لا يتجزأ من بلدان العالم فإنها ايضاً لم تخلُ من فئة غير قليلة من الاشخاص الباحثين عن المادة وجمعها بأكبر قدر لا حدود له وبكل الوسائل والطرق المشروعة وغير المشروعة مهما كان عدد المتضررين من هذه الجرائم؟!
وللأسف في السنوات الاخيرة برزت جرائم اخرى من محاولات الكسب المادي غير المشروع ثبت انها لا تقل في هدفها وفي ضررها عن جرائم المخدرات من حيث خطرها على المجتمع والافراد الا وهي جرائم الرشوة.. والتزوير.. والغش.. بكافة انواعها.. هذه جرائم اصبحت اليوم توازي جرائم المخدرات في كل شيء من حيث ضررها على الانسان وعلى المجتمع بطرق مباشرة او غير مباشرة.
التزوير: هو تغيير للحقيقة في محرر من شأنه أن يحدث ضرراً وبتوفر نية استعماله كمحرر صحيح..
ويقع التزوير على أحد نوعين، فهو إما مادي وإما معنوي:
1- تزوير مادي: وهو يمثل كل تغيير للحقيقة في محرر رسمي أو عرفي بقصد الإيهام بطريق التزوير بأنه مطابق للحقيقة ويأخذ عدة صور من بينها اصطناع مرتكب التزوير محرراً موجود إما بالحذف لبعض ألفاظه أو الكشط أو الإضافة أو تقليد الخاتم أو الإمضاء أو البصمة أو باصطناع محرر لا وجود له في الأصل والحقيقة.
2- التزوير المعنوي: وفيه يقتصر تغيير الحقيقة في المحرر على جعل واقعة مزورة في صورة واقعة حقيقية أي أن تغيير الحقيقة يقع في معنى المحرر ومضمونه وظروفه لا في مادته أو شكله فلا يترك أثرا مادياً ويقع ذلك لكل من استغل حسن نية موظف المكلف بكتابة المحرر فأملى عليه بيانات غير صحيحة كاذبة بإيهامه أن تلك البيانات صحيحة.
طرق التزوير هي:
التغيير والحذف والإضافة والطمس والتعديل والإتلاف والتجميع والمحو وكل ما يؤثر على صحة وسلامة وقوة المستند القانونية (كل ما يغير حقيقة المستند).
ضابط ضرر التزوير:
1- الضرر العام وهو ضرب المجتمع بأكمله من جريمة التزوير.
2- الضرر الخاص وهو ضرر فرد أو أكثر. (كتزوير العقود العرفية بين شخصين)
فيما يتعلق بالنظام السعودي فإن النظام القديم ضم في المادة الرابعة عشرة حالين هما:
1- الصور التي تبدو أنها أصل بذاتها.
2- الصور الضوئية …. الخ
أما النظام الجديد فإنه لم يتطرق لذلك، وأظن سبب ذلك أنه عرف المحرر تعريفا يشمل الصور وبيانات الحاسب وغيرها وعرف التزوير وترك الاجتهاد في كل حالة للقضاء
ومع ذلك فلم يستقر القضاء في ذلك على شيء بحسب ما ظهر لي فمنهم من لا يعتد بالتزوير في الصور مطلقا ومنهم من يجرم المزور في الصور.
وهكذا الحال بالنسبة للأنظمة العربية يجد الناظر خلافا بحسب ما يبدو لاطلاعي القاصر
فمنها مثلا ما يجرم التزوير في صورة المحرر الرسمي دون صورة المحرر العرفي كالنظام الإماراتي، ومنها من لا يجرم التزوير في صور المحررات إلا إذا أمضى عليها الموظف الرسمي أو ختمها..
والذي يظهر أن تعريف المحرر فيه من العموم ما يشمل الصور وبيانات الحاسب وغيرها، وفي التعريف من القيود ما يكفي لإخراج الحالات التي لا توافق قصد المنظم وأهمها ترتب الضرر عليه، ومن المعلوم أن الضرر لا ينشأ عن أي محرر إلا إذا كان محتجا به عملا أو عرفا، فإذا كان من يقدم له المحرر سيقبله ويرتب عليه المصلحة التي قدم لها فهنا يحتمل حدوث الضرر ويجب تحقيق مصلحة النظام بإسباغ الحماية على المحرر.
والاحتجاج بصورة المحرر عرفا أو عملا يختلف بحسب طبيعة المحرر والجهة المقدم لها والمصلحة المبتغاة، فمثلا جرى العرف عند الأشخاص العاديين على الرضى والقبول بصورة الهوية الوطنية في المصالح العادية كالسكن اليومي وتحرير السندات بالمبالغ اليسيرة ونحو ذلك، ولهذا فإذا زور فيها فإن مصلحة النظام لا تتحقق إلا بتجريمه وتعزيره، وقد حصل في عدد من الوقائع استخدام صور المحررات في جرائم يقصد منها النصب والاحتيال لأكل الأموال وقبلها الطرف الآخر ووقع عليه الضرر إلا أن الاستئناف ذهب إلى عدم عد ذلك تزويرا في بعض القضايا المنظورة حديثا دونما استقرار في ذلك.
أما صكوك المنازل مثلا فإنه قد جرى العمل والعرف على عدم قبول غير أصولها في التعاملات، وعليه فإن العبث في الصورة لا يعد تزويرا إذا لم يحتمل ترتب الضرر عليه، ومثله كذلك المحررات التي تعد لتقديمها للجهات الرسمية وهي لا تقبل غير أصولها فلا وجه للقول بأنه العبث فيها تزوير لاختلال التعريف فيها.
صواباتحت رعاية الموقع . كوم
اترك تعليقاً