كانت “المصلحة” أول الشروط الواجب توافرها لقبول الدعوى القضائية، والذي تحدثنا عنه باستفاضة كبيرة، وخلصنا منه بمبدأ أنه “لا دعوى من دون مصلحة” أي أنه لا يمكن إقامة الدعوى إلا إذا كان للمدعي “وهو مقيم الدعوى” مصلحة خاصة مادية أو معنوية لإقامتها.
والآن نعرج بالحديث إلى الشرط الثاني للقبول وهو “الصفة” في ما يتعلق بأطراف الدعوى، بمعنى أنه يجب أن تكون للمدعي صفة في المطالبة بما يدعيه وأن تكون له صفة في توجيه الدعوى أو الطلب ضد المدعى عليه.
ويلزم لذلك توافر صفة للمدعى عليه في الدعوى لقبولها والاستمرار في موضوعها، إذ لا يمكن تحريك الدعوى القضائية ضد شخص ليس له علاقة أو صفة بالحق موضوع الدعوى، ويعتبر ذلك شرطًا ضروريًا لقبولها والاستمرار فيها موضوعها وانعدام الصفة يترتب عليه عدم قبول الدعوى.
وإذا تخلت الصفة عن المدعي حال إقامة الدعوى ثم اكتسبها أثناء سير الخصومة، فإنه متى حدث مراعياً المواعيد والإجراءات المنصوص عليها في الأنظمة واللوائح، فإن العيب الذي شاب صفته عند رفعه للدعوى يكون زال وتصبح الخصومة بعد زواله منتجة لآثارها من بدايتها.
أما إذا زالت صفة المدعي بعد رفع الدعوى فإن ذلك ليس من شأنه أن يؤدي إلى عدم قبولها بل يترتب عليه انقطاع مسار الخصومة إذا لم تكن الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها، ويجب مراعاة أن هناك أحكامًا معينة بالصفة يجب تحققها حال إقامة الدعوى مثل الصفة في دعاوى التصفية وفي دعوى الشفعة.
والمدعى عليه يستطيع الدفع بعدم وجود الصفة في الدعوى في أيّة مرحلة كانت فيها الدعوى؛ فالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة أو على غير ذي صفة دفعًا موضوعيًا يجوز إبداؤه في أية حال تكون عليها الدعوى، ويمكن للمحكمة بذاتها الحكم بعدم قبول الدعوى؛ لانعدام توافر شرط الصفة وفقًا للمادة (76) من نظام المرافعات الشرعية.