بعد التطرق إلى تعريف عقد النقل الجوي وحقوق المسافرين حال إلغاء رحلاتهم أو تأخيرها من قِبل الناقل الجوي، وفقًا لمواد اللائحة التنفيذية لحماية المستهلك، الصادرة عن الهيئة العامة للطيران المدني، ننتقل الآن إلى شروط انعقاد مسؤولية الناقل الجوي عن تعويض المسافر.
ويشترط لانعقاد مسؤولية الناقل الجوي عن تعويض المسافر المضرور من تأخر الرحلة أو إلغائها أو أي سبب آخر 3 شروط “تحقق التأخير أو الإلغاء أو الضرر ويكون ذلك بتعد أو تفريط من الناقل وتحقق ذلك الضرر، وأن يكون التأخير أو الإلغاء هو الذي أفضى إلى وقوع الضرر”؛ فعقد النقل الجوي التزام بتحقيق نتيجة وهي إيصال المسافر إلى وجهته التي يريدها في الوقت المحدد.
ويجب على الناقل حتى تنتفي مسؤوليته أن يثبت وقوع سبب أجنبي أدى إلى التأخير في الرحلة أو إلغائها، مثل القوة القاهرة، أو خطأ المسافر، وتحدثت اللائحة التنفيذية لحماية المستهلك عن شرط القوة القاهرة في المادة الثالثة عشر من اللائحة ذكر في الفقرة السادسة منها ما يعد من سبيل القوة القاهرة بقوله (أي حالة ينتج عنها استحالة تسيير رحلة معينة أو مجموعة رحلات إلى وجهة معينة أو مجموعة من الوجهات لأسباب لا يمكن للناقل الجوي السيطرة عليها أو تلافيها ولا يتضمن تعريف القوة القاهرة الأعطال الفنية).
وذكرت المادة بوضوح أن الأعطال الفنية لا تعد من القوة القاهرة، ويستلزم التعويض في حالة كان سبب التأخر أو إلغائها عطلاً بالطائرة، أو عدم جاهزيتها، وأسباب التعويض التي قد يطالب بها المسافرون لا تنعقد فقط لتأخير الرحلة أو إلغائها، فقد يكون بسبب آخر مثل أحد المسافرين الذي قاضى الخطوط الجوية المملوكة للدولة لإلزامها بتعويضه نتيجه الضرر الذي لحق به وبأسرته، فقد سافر برفقة أسرته من الرياض إلى الجوف وتعرضت إحدى بناته عندما أرادت ربط حزام الأمان لضرر نفسي ومعنوي، لأن الحزام كان يحمل أوساخًا مغطاة وتعرضت الفتاة للأوساخ على يدها وملابسها.
وفي هذه الحالة فإن عدم القصد عن الخطأ ليس عذرًا مانعًا للمسؤولية إذا ما وجدت أركانها، لاسيما مع بقاء الضرر مدة أطول من الرحلة، وكذلك ما جرى من تفريق بناته في مقاعدهن وانشغال ذهنه في رقابتهن والحرص على سلامتهن، وإصابة البنات بالحرج والخوف من الابتعاد عن أبيهن، والضرر النفسي الواقع على والدتهن لما وقع لبناتها وما أصابهن من الضرر الحسي والمعنوي، الأمر الذي يشكل قناعة المحكمة بوقوع الضرر على المدعي وأسرته حسيًا ومعنويًا.
ومن المعلوم أن الشارع نهى عن الإضرار وأمر برفع الضرر، وحيث إن الثابت وقوع الضرر المادي والحسي بالاتساخ والتفريق، والمعنوي التابع له بالامتعاض والهلع وإفساد مقصود الرحلة لهذه العائلة، بما إن التعويض عن الضرر المعنوي وارد في الفقه الإسلامي ولاسيما إذا كان تابعًا لضرر مادي، فإن الدائرة انتهت إلى إلزام المدعى عليها (الناقل الحكومي) بتعويض المدعي وزوجته وابنتيه عن الضرر الحسي والمعنوي باحتساب كلفة السفر، والتعويض العادل له وحكمت تعويض قدره 4000 ريال لكل فرد من أفراد أسرته.
صواباتحت رعاية الموقع . كوم
اترك تعليقاً