من رحمة التشريع السماوي بالناس عنايته الشاملة بأفراد المجتمع صغارًا وكبارًا ذكورًا وإناثًا، ولذلك فهو راعى حقوق الأطفال وقت انفصال الأبوين ومنها الحضانة وإلزام الحاضن برعاية الطفل وتربيته وتدبير شؤونه، والحضانة تبدأ بفترة الولادة وحتى سن سبع سنوات، أما بعد ذلك وحتى البلوغ فتسمى الضمّ والرعاية، ويطلق عليها حضانة تجاوزًا وهي مرحلة أقل من مرحلة الحضانة.
ومن شروط الحضانة الإسلام، والبلوغ، والأمان في السكن فليست هناك حضانة لمن يسكن في مكان غير آمن، والقدرة فلا تمنح حضانة لعاجز بدنيًا أو مسنًا، والسلامة الصحية فلا تكون الحضانة للمصاب بمرض مزمن أو معدي ويكون بحاجة لمن يعتني به، والرشد وهو ضد السفه، والحرية فلا حضانة للمحكوم عليه بحكم قضائي، والعدالة فلا حضانة لخائن؛ لأنه غير مؤتمن ولا لفاسق مثل متعاطي المخدرات أو شارب الخمر أو المتحرش والزاني وكل مرتكب لسلوك يتنافى مع الشرع والآداب العامة، والمعاملة الحسنة فلا حضانة للمعنف، وأن تكون المرأة غير متزوجة “وهو محل تفصيل”، فإذا سقط أي شرط من هذه الشروط أو أخلّ الحاضن بها وثبت ذلك تسقط حضانته.
ولو حصل الحاضن على حضانة الطفل ثم أصيب بجنون أو مرض خطير أو عجز تسقط عنه الحضانة، ويحق لغيره طلب إسقاطها.
وأجمع العلماء على أن الأم أقدم الحاضنات ويقدم لهن الحق على الرجال في الحضانة لأن مبناها على الشفقة والرفق بالصغار، وترتيب الحضانة كالتالي “للأبوين طالما كانا مرتبطين ويقيمان في منزل واحد، ثم للأم حال الفراق، ثم لأم الأم “الجدة” ثم للأب، وأخت الأم حال عدم صلاح الأب، ثم أم الأب، ثم أخت الأب وهكذا..).
أما المحاكم السعودية فتنظر في دعاوى الحضانة للأصلح للمحضون، فمتى كانت الأم أصلح من الأب ومكملة لكل الشروط التي ذكرناها تكون من حقها الحضانة مهما بلغ أعمار الأبناء، والعكس صحيح فإذا ثبت أن الأب أصلح فالحضانة تكون له، ولكن إذا أقام أحدهم دعوى حضانة وادعى على المدعى عليه أنه غير صالح للحضانة، فإنه يقع عليه عبء إثبات ذلك، إعمالاً للقاعدة الفقهية المستقاة من الحديث (البينة على من أدعى واليمين على من أنكر).
ولتوضيح ذلك أكثر كما إذا ادعى المدعي بأن المدعى عليه (من بيده المحضون) مسجون في قضية مخدرات، أو قضية أخلاقية تمس بالشرف والأمانة، أو به مرض يمنعه من حضانة الصغير، فعليه الإثبات إما بالحكم الشرعي الصادر بحقه بالحكم بالسجن، أو بالتقرير الطبي الذي يبين حالته في حالة ادعائه لمرضه، أو بإقرار المدعى عليه أو بالشهود أو بغيرها من وسائل الإثبات، أو باليمين في حالة عجزه عن إحضار البينة.
وهناك سؤال شائع في هذا الشأن وهو (هل تسقط حضانة المطلقة لأبنائها حال زواجها من آخر) ولهذا السؤال ثلاث حالات وفقًا للاستدلال بالأحكام القضائية؛ الأولى: موافقة الزوج الجديد على حضانة أبنائها فلا تسقط بهذه الحالة، لقول ابن القيم رحمه الله (إن الزوج إذا رضي بالحضانة وأثر كون الطفل في حجره لم تسقط الحضانة) واشترط الموافقة لأن الزوجة قد تنشغل بحضانتها للمحضون وتقصر في حقوقه الزوجية.
والحالة الثانية: حينما يثبت عدم صلاح الأب في حضانة أبنائه المطالب بهم فهنا لا تسقط حضانة الأم وتستمر حضانتها لهم، والحالة الثالثة: إذا لم يوجد اعتراض على زواج الأم الحاضنة، فإذا اعترض الأب على حضانة الأم المتزوجة فيحق لأم الأم التقدم بطلب عارض وطلب حضانة الأبناء إذا ثبت صلاحيتها للحضانة، وفقًا لما نصّت عليه المادة (79) من نظام المرافعات الشرعية ولوائحه التنفيذية.
صواباتحت رعاية الموقع . كوم
اترك تعليقاً