يُعد “حق الشفعة” من المصطلحات القانونية الرائجة، وقد لا يعرفه الكثير منّا باعتباره جانبًا قانونيًا خالصًا ولذلك نتناول في هذا المقال تعريفه ومشروعيته وأحكامه وأسباب سقوطه وغيرها من النقاط المتعلقة به.
أولًا الشفعة تعرف على أنها حق الشريك في شراء نصيب شريكه في ما هو قابل للقسمة؛ حتى لا يلحق الشريك أي ضرر، وإن كان هناك شركاء كثيرون اشتركوا جميعًا في هذا الحق، فلا يجوز البيع لأحدهم دون الباقين، وهي جائزة شرعًا؛ إذ ورد عن جابر “رضي الله عنه” قال: قضي النبي بالشفعة في كل شركة تقسم: ربعة (منزل)، أو حائط (بستان)، لا يحل له (للشريك) أن يبيع (نصيبه) حتى يؤذن (يعلم) شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإن باع ولم يؤذنه فهو أحق به [مسلم].
وبالنسبة إلى حُكم استئذان الشريك قبل البيع فهو أمر واجب، وقيل مستحب وقيل أيضًا إن عدم إعلامه مكروه، بل إن للحاكم الحق في القضاء بالشفعة من الشركاء للشفيع إذا لجأ إليه، ويري جمهور الفقهاء أن الشفعة تحق للمسلم والذمي “اليهودي والنصراني” الذي يكون بينه وبين المسلمين عهد أو أمان، ورأي البعض الآخر من الفقهاء أنه لا تجوز الشفعة للنصارى، قال رسول الله “لا شفعة لنصراني”-[الدار قطني].
ومن شروط الشفعة أن يكون الشفيع شريكًا في المشفوع منه، وأن تكون الشركة لم تقسم، ألا تكون الشفعة في منقول مثل الثياب والحيوان، وإنما تكون في المشاع من أرض ودور، لأن في المشاع يتصور الضرر، وإذا قسمت الشركة فللفقهاء آراء في جواز الشفعة؛ فمنهم من قال إذا قسمت الشركة ووضعت الحدود وعلم كل منهم حقه، فلا شفعة، واستدلوا علي ذلك بقول جابر “رضي الله عنه” قضي النبي (الشفعة من كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة. [الجماعة إلا مسلمًا].
وأجاز بعض الفقهاء الشفعة للشريك بعد تقسيم التركة بشرط أن يكون قد بقي شيء، ويشتركان في الانتفاع به بعد التقسيم، ورأى فريق ثالث من الفقهاء جواز الشفعة للجار الملاصق، واستدلوا بقول رسول الله “جار الدار أحق بدار الجار أو الأرض” [أبو داود والترمذي].
وإذا باع الشريك نصيبه لغير شريكه، وعلم الشريك لكنه سكت ثم جاء بعد مدة وطالب بحق الشفعة، فلا شفعة له، وقال آخرون إن حقه لا يسقط في الشفعة، ولو مرت سنوات عديدة، ومن الشروط كذلك ألا يشتري الشفيع بثمن أقل من الثمن المعروض في الأسواق، فإذا باع الرجل نصيبه بثمن ما، ثم جاء شريكه يطالب بحق الشفعة، فيلزمه أن يشتري بالثمن الذي عرضه أو يزيد عليه، وإذا عجز الشفيع عن شراء نصيب شريكه، دفع الثمن بالتقسيط أو يؤخره شريكه حتى يستطيع السداد، فإن عجز عن ذلك أيضًا؛ سقط حقه في الشفعة.
ومن هنا يسقط حق الشفيع في الشفعة إذا أراد شراء جزءًا من نصيب الشركة فقط، لأنه من شروط الشفعة أن يشتري الشفيع المشفوع فيه كله، كما يسقط حقه إذا قال شريكه إنه ليس له رغبة في شراء نصيبه، وكذلك يسقط حق الشفعة إذا مات الشفيع، وبالتالي لا يجوز لورثته أن يطالبوا بالشفعة إلا إذا كان الشفيع قد طالب بحقه في الشفعة قبل موته فتجب له؛ لأن عقد الشركة ينتهي بموت أحد الشريكين، فينتهي تبعًا له حق الشفعة لأنه الله سبحانه وتعالى جعل هذا الحق للشفيع بالاختيار والاختيار لا يورث.
ولذلك فحق الشفعة لا يباع ولا يوهب، فليس له من وجبت الشفعة أن يبيعها أو يهبها؛ لأن البيع والهبة منه ينفي هدف الشفعة وهو الضرر الذي يلحق به.
صواباتحت رعاية الموقع . كوم
اترك تعليقاً