أورد الكاتب القانوني الدكتور عيسى الغيث في مقال له بعنوان “من المشرع” والمنشور في صحيفة المدينة أنه (من الجائز تشريع المخلوق فيما لم يشرعه الخالق وبما لا يخالفه)، واستدل على ذلك بحديث الرسول “ص”: “أنتم أعلم بأمور دنياكم”.
ولكن هذا زعم غير جائز شرعًا وقانونًا لسببين الأول؛ أنهه ليس شيء إلا فيه حكم لله سواءً بالإيجاب أو الاستحباب أو التحريم أو الكراهة أو الإباحة من أكبر الأمور الدنيوية وحتى تلقيح النخل فإن حياة الإنسان تدور بين الوجوب إن كان يتعلق بنفقة واجبة، والاستحباب إن كان لا يتعلق بها.
وبناءً على ذلك فإن الشريعة الإسلامية شاملة لكل شيءء دنيوي أو ديني؛ إذ قال تعالى ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾، لذلك فالزعم أن المتغيرات الدنيوية ليس فيها حكم لله في شريعته غير صحيح على الإطلاق.
والسبب الثاني قوله في المقال (على ألا يخالف الشريعة)) تلبيس عظيم يريد به غالب من ينادي به توسيع صلاحية التشريع، فيعتبرون الشريعة قطعية وظنية، ويجيزون التشريع ما لم يخالف القطعي، ثم يتوسعوا أكثر فيجعلون القطعي المجمع عليه فقط، وبهذه الشبهة إمكانية لاستباحة القوانين الوضعية في بلاد المسلمين.
والأحكام الشرعية لا تجوز إلا أن تكون من شريعة اللهه حتى ولو أطلق عليها بعضهم متغيرات، فلا يجوز إلا حكم الشرع فيها، ومن الأمثلة على ذلك نهي سيدنا عمر بن الخطاب أهل الذمة عن ارتداء لباس معين، وحينما جاء عمر بن عبدالعزيز نهاهم عن غيرها؛ كونه صار من لباس المسلمين، وهذان الأمران يندرجان ضمن الأحكام الشرعية الواجب الالتزام بها لأنه حكم إلهي وسببه هو تحريم تشبه المسلمين بالكفار.
وينبغي التأكيد على أنه في الإسلام لا يوجد مشرع إلاا الله عز وجلّ، والمجالس المختصة في هذا الشأن لابد أن يقتصر دورها على النظام الإجرائي وليس الموضوعي، لأن وضع الشروط وتحديد الصلاحيات وآليات العمل الحكومي ليس من التشريع وإنما التنظيم، وهو يندرج تحت القاعدة العامة و(ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب).
صواباتحت رعاية الموقع . كوم
اترك تعليقاً