من المعروف أنه إذا كان الأب ثريًا فإنه ينفق على أولاده، ولو كان أحد الأبناء ثريًا فإنه ينفق على والديه، ولا مشكله فى ذلك بسبب ثراء أحد الطرفين، ولكن فى بعض الأحوال قد يكون أحد الطرفين ليس ثريا، أو غير قادر على تحمل نفقة غيره، وهنا تبدأ المشاكل بالظهور، ويلجئ الناس للقضاء، وهنا تكمن قضايا نفقة الأقارب التى تشمل الأولاد والوالدين، ونحوهم، وتكون غالبها دعاوى الأمهات ضد الآباء في نفقة الأولاد.

وفى حالة إذا كان المدعى والمدعى عليه مقيمين فى بلدين مختلفين، فيخير فى اقامة الدعوى فى بلده، أو فى بلد المدعى عليه، حسب القانون، فإن أقامها فى بلده، فيقوم القاضي باستخلاف بلد المدعى عليه لسماع جوابه على الدعوى، فإذا أجاب، وكانت الدعوى متوجهة، جرى تحديد جلسة لحضور المدعى عليه، فإذا حضر، وإلا تم النظر فيها غيابياً، وإذا لم تكن الدعوى متوجهة، فيصرف القاضي النظر عن الدعوى دون حضور المدعى عليه.

ويذكر المدعى: صله قرابته بالمدعى عليه، ولماذا ينفق عليه؟ والمدة التى يطالب بنفقتها، وإذا حضر المدعى عليه فإما أن يقر وجوب النفقة عليه، وأنه لم ينفق عليه، وأن لا مانع عنده من تقدير النفقة، والحكم بها، أو أن ينكر عدم الإنفاق، ويطلب منه بينة على ذلك، فإن أحضر بينة وجب الإنفاق، وإلا فالأصل عدم الإنفاق، إلا إذا كان المدعي يقيم مع المدعى عليه فالظاهر هو الإنفاق، أو أن ينكر وجوب الإنفاق عليه؛ لوجود غيره من المساويين له في الدرجة، أو لعدم كفاية ما عنده له، ولمن تجب نفقته عليه، أو لإعساره، فيطلب من المدعي البينة على إيسار المدعى عليه، وأن عنده مالاً يفيض عن نفقته، ونفقة من يمونه، فإن عجز عن البينة، فله أن يحلف المدعى عليه على نفي ذلك، وإذا ثبتت النفقة على المدعى عليه فيكتب القاضي إلى قسم الخبراء من أجل تقدير النفقة بالمعروف، ويتم الاستفسار عن راتبه، ودخله، وحالته المادية، وعند ورود جواب قسم الخبراء بتقدير النفقة، ويحكم القاضي بموجبه، إذا كان موافقاً للأصول الشرعية.

فنفقة الأقارب تجب بثلاث شروط :

• غنى المُنفِق.
• فقر المُنفَق عليه.
• إرث المُنفِق للمُنَفَق عليه.

لقوله تعالى: ]وعلى الوارث مثل ذلك [سورة البقرة.

وتسمع دعوى الابن على أبيه في النفقة، باتفاق أهل العلم، كما ترجع الأم على الأب بما أنفقته على أولادها، إذا نوت الرجوع، أو أخذت إذناً من القاضي بذلك،نفقة الأقارب تسقط بمضي المدة، وإذا لم يطالب بها في وقتها سقطت, لكن إذا فرضت من الحاكم، أو اصطلحا عليها، ثم انقطع المُنفِق، فلا تسقط بمضي المدة, أما نفقة الزوجة فلا تسقط بمضي المدة؛ لأنها من باب المعاوضة، وإذا كان الأب لا يحتاج إلى نفقة، ولكن يريد مخصصاً مالياً من ابنه، لكون الابن غنياً فلا يلزم ذلك، والأفضل أن يصلح القاضي بينهما من باب البر والصلة، فإن أصر كلٌ منهما على رأيه، فيصرف النظر عن دعوى الأب، ولذا إذا تقدم الأب ضد ابنه بدعوى النفقة فيسأله القاضى: هل تطلب نفقةً أو مخصصاً؟، ولو دفع الابن الذي يطالبه أباه بالنفقة فقال: إن لوالدي أبناءً غيري، فأطلب أن يقاسموني نفقة والدي فهذا دفعٌ معتبر, وتقسم حينئذٍ مسؤولية النفقة على الأبناء الذكور حسب قدراتهم، وأما البنات فلا؛ لأن النساء لا نفقة عليهن، إذا اختلف الأب والابن، فقال الأب: إني أحتاج نفقة، لأنى فقير، وأنكر ذلك الابن، فالأصل الفقر، وعلى الابن البينة، إن ادعى غنى الأب, و إلا فله أن يحلف الأب على نفي ذلك.

ويراعى لتقدير النفقة ما يلي:

• حال المُنفِق من حيث الإيسار والإعسار والتوسط.
• العرف والعادة في ذلك.
• ضروريات واحتياجات المُنفَق عليه دون الكماليات (الطعام، والشراب، والكسوة، وملحقاتها، والسكن، والعلاج).