جاء التنظيم الجديد لمحاكم القضاء العام بتغييرات كبيرة على نظام التقاضي المعمول به منذ العام 1395هـ، إذ جعل التقاضي على مرحلتين؛ من أجل إتاحة الفرصة للخصم الذي صدر الحكم لغير صالحه في المرحلة الأولى من التقاضي، أن يعرض النزاع من جديد أمام محكمة أعلى درجة لتفصل فيه ثانية، وهو الأمر الذي أصبحت معه المحاكم على مجموعتين.
وتضم المجموعة الأولى محاكم الدرجة الأولى أو (المحاكم الابتدائية) وهي التي تنظر في النزاع للمرة الأولى، وتم التوسع في اختصاصاتها إذ تشمل (المحاكم العامة، المحاكم التجارية، محاكم الأحوال الشخصية، المحاكم الجزائية، المحاكم العمالية، المحاكم المرورية)؛ لتغطي أوجه النزاعات المختلفة، على خلاف النظام السابق الذي لم يعرف سوى نوعين من محاكم الدرجة الأولى.
إذ نصّت المادة الخامسة منه على وجود المحاكم الجزئية والمحاكم العامة فقط، وهو الأمر الذي استتبع إلغاء السواد الأعظم من اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي التي كان معمولاً بها إلى جانب المحاكم الشرعية وانسلاخ الدوائر التجارية والجزائية عن اختصاص ديوان المظالم وانتقالها إلى محاكم القضاء العام.
أما المجموعة الثانية فهي محاكم الدرجة الثانية مثل محاكم الاستئناف التي تنظر في النزاع للمرة الثانية من خلال بعض الدوائر التي تغطي أوجه المنازعات المختلفة والتي تم الحكم فيها من محاكم الدرجة الأولى، وهي الدوائر (الحقوقية، التجارية، الأحوال الشخصية، الجزائية، العمالية، المرورية)، ومن حق كل طرف حال صدور الحكم في غير صالحه أو في حال عدم الحكم له بكل طلباته الطعن يه أمام محكمة أعلى منها وهي (محكمة الاستئناف).
ونصّ النظام الجديد على تدشين المحكمة العليا وحصر اختصاصها في (التطبيق الصحيح لأحكام الشريعة الإسلامية وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض معها في قضايا تدخل ضمن ولاية القضاء العام)، إلى جانب الاختصاصات المنصوص عليها في نظامي المرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية.
وبشأن محاكم القضاء الإداري وترتيبها وولايتها، فيمثل ديوان المظالم الجهاز القضائي الذي ينضم تحت لوائه محاكم القضاء الإداري في المملكة، ومرّ بمراحل تاريخية مختلفة من أبرزها التحول الأخير الوارد في نظام الديوان الحالي الصادر بالمرسوم الملكي رقم 78 وتاريخ 19/09/1428هـ؛ فقد جاء مختلفاً عن النظام السابق؛ لأنه أصبح قضاءً إدارياً قلباً وقالباً ولم يعد له حق النظر في القضايا الجزائية مثل الرشوة والتزوير وانتحال الصفة وغيرها.
كما لم يعد مختصاً بالنظر في القضايا التجارية، مما أدى إلى انسلاخ الدوائر الجزائية والدوائر التجارية عنه وانتقالها إلى محاكم الدرجة الأولى في القضاء العام، كما أن نظام الديوان الجديد أسبغ على جهازه القضائي وصف (المحاكم)، لتكون كل دائرة من دوائره تحت مظلة محكّمة، على عكس نظام ديوان المظالم السابق الذي كان يباشر مهامه القضائية من خلال دوائر.
وانتهج ديوان المظالم المبدأ ذاته الذي سار عليه نظام القضاء، الذي جعل التقاضي على درجتين، فدشّن المحاكم الإدارية لتكون محاكم درجة أولى في التقاضي ثم أنشأ محاكم الاستئناف الإدارية لتكون محاكم درجة ثانية، وأخضع الأحكام الصادرة أو المؤيدة من المحاكم الإدارية الاستئنافية لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ولذلك فإن التنظيم الجديد لمحاكم الديوان تكون هيئة قضاء إداري مستقلة كما نصّت على ذلك المادة الأولى منه.
صواباتحت رعاية الموقع . كوم
اترك تعليقاً