يقع الكثير من أصحاب الأعمال في بعض الأخطاء النظامية وقت حدوث مخالفات من قِبل العاملين لديهم ورغبتهم في إنهاء خدمات هؤلاء العمال، عبر إنهاء العقود دون اجراء تحقيق في المخالفات المنسوبة إليهم أو سماع أقوالهم.
وحتى وإن كان إنهاء الخدمات قد تمّ بسبب مشروع يقرره النظام ويترتب على ذلك خسارتهم الدعاوى المقامة ضدهم من العاملين المنتهية خدماتهم، ورغم وجود السبب النظامي لإنهاء الخدمات في كثير من الأحيان بسبب عدم الوعي والمعرفة النظامية الكافية لذلك.
وأكدت ذلك (المادة 71 من نظام العمل) الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /‏51) وتاريخ 23/‏08/‏1426هـ والمعدل بالمرسوم الملكي رقم (م /‏49) وتاريخ 05/‏06/‏1436هـ والتي نصّت على أنه (لا يجوز توقيع جزاء تأديبي على العامل إلا بعد إبلاغه كتابة بما هو منسوب إليه واستجوابه وتحقيق دفاعه، وإثبات ذلك في محضر (ما عدا المخالفات البسيطة والتي يكون الجزاء فيها إنذارًا أو خصمًا من الأجر لا يزيد على يوم واحد، يجوز أن يكون الاستجواب شفاهة).
وأوضحت أيضًا المادة (80 من نظام العمل) أنه (لا يجوز فسخ عقد العامل دون مكافأة أو تعويض أو إشعار؛ استنادًا للحالات التسعة المنصوص عليها في تلك المادة- بشرط أن يتيح صاحب العمل للعامل أن يبدي أسباب معارضته للفسخ، وإذا تم الفسخ دون ذلك، فيعد في هذه الحالة فسخًا بدون سبب مشروع ويستوجب التعويض).
وجاء في المدونة بالقرار النهائي رقم 31/‏2/‏432 وتاريخ 16 محرم 1432هـ أن فصل العامل بسبب غيابه دون تحقيق معه وتقديمه مبرراته عن سبب الغياب يجعل قرار الفصل غير مشروع، وغيرها الكثير من القرارات المنشورة في مدونة المبادئ والقرارات العمالية؛ لأن نظام العمل سُن لتنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل وللمحافظة على مصالح الطرفين دون إفراط أو تفريط.

ولأن العامل يعد الطرف الأضعف في العلاقة التعاقدية، فقد أحاطه المنظم بعدة ضمانات؛ منها وجوبية وإلزامية إجراء التحقيقات في المخالفات العمالية المنسوبة للعامل، قبل اتخاذ أو توقيع أي جزاء عليه، حتى يكون العامل على بينة من أمره، وحتى يستطيع الدفاع عن نفسه وإثبات عدم ارتكابه أيًا من المخالفات المنسوبة إليه إذا كانت بدون وجه حق، وذلك قبل اتخاذ أي قرار في حقه، وحتى لا يتهور صاحب العمل في توقيع جزاء دون وجه حق، إذا كانت المخالفات المنسوبة للعامل غير صحيحة أو إثباتها في حقه إذا كانت صحيحة، وتوقيع الجزاء المناسب لتلك المخالفة.
ولم ينصّ نظام العمل أو لوائحه على شروط أو إجراءات معينة للتحقيق، أو صفة معينة للمحقق القائم بذلك، وإنما وضع القواعد العامة المعمول بها في هذا الشأن، والتي تعتمد على شكل وإجراءات التحقيق في المخالفات الإدارية للموظفين العامين (وإن كنا نرى أن يتم تلافي ذلك بالنص على ذلك في لوائح العمل في أي تعديل قادم، حتى يتم تلافي النقص في هذه المسائل ومنع تضارب الاجتهادات والخلافات حولها لاختلاف طبيعة المنازعات العمالية عن غيرها من الدعاوى والمنازعات الأخرى).
ولم يضع النظام شرطًا إلا أن يكون التحقيق والاستجواب في محضر مكتوب، ويجب إبلاغ العامل كتابياً بالجزاء الموقع عليه “حال ثبوت المخالفة في حقه” طبقًا (للمادة 71و72) حيث نصّت الأخيرة على أنه (يجب أن يبلغ العامل بقرار توقيع الجزاء عليه كتابة، فإذا امتنع عن الاستلام أو كان غائبًا فيرسل البلاغ بكتاب مسجل على عنوانه المبين في ملفه).
ويجب أن تذكر بيانات جوهرية في محضر الاستجواب مثل: تاريخ وساعة المحضر وأسماء المحققين وبيان وظائفهم، واسم ومهنة العامل، وتاريخ بداية العمل، وهل يوجد عقد عمل مكتوب أم لا، وهل اطلع العامل على جميع لوائح وأنظمة وتعليمات الشركة ومدى التزامه بها وبالتعليمات أم لا، ثم وضع وصف دقيق للمخالفات المنسوبة للعامل، وسماع رده وإفادته عليها، ثم مواجهته بالأدلة والإثباتات مثل مستندات أو شهادة شهود أو غيرها، والتي تثبت وتنسب المخالفة إليه، ثم سماع رده عليه، ومن حق المحقق تمكين العامل من تقديم أيّة أوراق أو مستندات أو شهادة شهود لتبرئته من المخالفة المنسوبة إليه.

وبعد ضبط البيانات في محضر الاستجواب، وتوقيع العامل أمام كل إجاباته وتوقيع الشهود والمستجوبين الآخرين والمحقق أو المحققين، ترفع التوصية لصاحب العمل أو من يمثله لاتخاذ القرار بتوقيع عقوبة وجزاء على العامل المخالف (إذا ثبتت في حقه)، أو عدم توقيعها لعدم الثبوت، وفي حالة رفض العامل التوقيع على أقواله يتم اثبات ذلك في المحضر والإشهاد عليه.