أقرّت الشريعة الإسلامية اليمين ضمن وسائل الإثبات خلال التقاضي؛ إذ قد يصعب على القاضي استخلاص البيّنة سواءً لعدم وجودها من الأساس أو لغيابها, وفي تلك الحالة يضطر القاضي لإخلاء سبيل المدعى عليه، ولذلك وفرت الشريعة المزيد من الاستيثاق للحق بمشروعية اليمين بحسب الأحوال.
ويُعرف الفقهاء “اليمين الشرعية” بأنها تأكيد حق أو نفيه أمام القاضي بذكر اسم الله تعالى أو صفة من صفاته، والأصل فيها قول الرسول “ص” إن البيّنة على المدعي واليمين على من أنكر, وتكون اليمين من المدعى عليه لنفي الدعوى عنه حين انعدام البينة التي تؤيد الدعوى، وهي المذكورة في هذا الحديث.
وتكون اليمين أحياناً من المدعي إما جبراً لنقص الشاهد، وهي المذكورة في الحديث الصحيح أن الرسول قضى بالشاهد واليمين, وإما بناءً على طلب المدعى عليه رد اليمين.
وأحياناً تكون اليمين من حق أقوى المدعيين، وهي التي تُسمى عند الفقهاء يمين الاستظهار, وفي القضاء التجاري يكون التوثق من الحقوق غالباً أشد منه في غيره؛ فالتاجر الذي يمارس البيع والشراء في كل يوم يأخذ ويعطي ويتعاقد مع الآخرين ولهذا فهو الأحرى بأن يستوثق لتعاملاته؛ حتى لا يحتاج عند وقوع النزاعات إلى طلب تحليف خصومه.
وعند نظر الكثير من المعاملات التجارية يتشدد الكثير من القضاة في الإحالة إلى اليمين بأنواعها مع مراعاة أن المفرط أولى بالخسارة، فالتاجر الذي أضاع حقه في الاستيثاق ترك ما اعتاده التجار من مكاتبات أولى بالخسارة، وهذا الاتجاه مخالف للقواعد الشرعية وأصول التقاضي لأنه يشتمل على تفريط في حق من حقوق المتقاضيين في استعمال ما شرعه الله من الاستيثاق قبل الفصل في القضية عند وجود سببه وتحقق شروطه.
ويصح للاستعانة باليمين الشرعية أن يكون عدم البينة مطلقاً للدعوى التي يصح سماعها ولا يشترط فيها أن يكون مع المدعي بينة ناقصة ليصح معها توجيه اليمين إلى المدعى عليه, ولذلك يتضح أنه من الخطأ من يشترط لتوجيه اليمين عدم خلو الدعوى عن دليل، بل وتوسع بعضهم في هذا الشرط ليقرر أن تقديم المدعي صور العقود عند فقد أصولها لا يكفي لتوجيه اليمين، وهذا الاجتهاد يخالف القواعد الشرعية التي دلّت على صحة توجيهها بحسب الأحوال وفي جميع المنازعات المدنية والتجارية.
صواباتحت رعاية الموقع . كوم
اترك تعليقاً