رغم أن النظام القضائي في المملكة يكفل لأعضائه الحياد والاستقلال عن الجهات التنفيذية إلا أنه ووفقًا للقانون يحق لمجلس القضاء الأعلى الإشراف على المحاكم والقضاة وأعمالهم، بحسب الفصل الخامس والخاص بتأديب القضاة، ويكون لرئيس كل محكمة الحق في الإشراف على قضاتها وتنبيههم لما يقع منهم من مخالفات لواجباتهم أو مقتضيات وظائفهم ولكن بعد سماع أقوالهم.
ويكون تنبيه القضاة شفاهيًا أو كتابيًا ولكن في الحالة الأخيرة يجب أن تبلغ صورة منه للمجلس الأعلى ، ويجوز للقاضي أيضًا الاعتراض أمام المجلس “كتابة” على التنبيه الصادر خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ تبليغه، فإن تكررت منه المخالفة أو استمرت تتم محاكمته تأديبيًا.
وتأديب القضاة من اختصاص دائرة تشكل في المجلس الأعلى من ثلاثة قضاة من أعضاء المجلس المتفرغين، وتصدر قراراتها بالأغلبية، ولا تكون نهائية إلا بعد موافقة المجلس عليها، ويرفع رئيس إدارة التفتيش القضائي أو من ينيبه الدعوة التأديبية أمام دائرة التأديب بطلب من رئيس المجلس إما من تلقاء نفسه أو بناءً على اقتراح رئيس المحكمة التي يتبعها القاضي.
ولا يقدم الطلب إلا بناءً على تحقيق جزائي أو إداري يتولاه أحد القضاة شريطة ألا تقلّ درجته عن “قاضي استئناف” يندبه رئيس المجلس الأعلى، ويجوز لدائرة التأديب عند تقرير السير في إجراءات الدعوى، وبعد موافقة المجلس أن تأمر بوقف القاضي عن أعمال وظيفته حتى انتهاء المحاكمة، ومن حق الدائرة في أي وقت أن تعيد النظر في أمر الوقف.
ومن شروط جلسات الدعوى التأديبية أن تكون سرية وتحكم دائرة التأديب بعد سماع دفاع القاضي المرفوعة عليه الدعوى، ويجب أن يشتمل الحكم الصادر في الدعوى على الأسباب التي بني عليها، وأن تقرأ أسبابه عند النطق به في جلسة سرية ويكون الحكم غير قابل للطعن.
والعقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على القاضي هي اللوم وإنهاء الخدمة، وينصّ كذلك نظام المحاماة على أن (يكون تأديب المحامي شطب اسمه من الجدول ويلغى ترخيصه إذا حكم عليه بحد أو بعقوبة في جريمة مخلة بالشرف والأمانة، كما يعاقب كل محامٍ يخالف أحكام هذا النظام أو لائحته التنفيذية، أو يخلّ بواجباته المهنية، أو يرتكب عملاً ينال من شرف المهنة بإحدى العقوبات الآتية وهي: الإنذار، اللوم، الإيقاف عن مزاولة المهنة لمدة ثلاث سنوات، وأخيرًا شطب الاسم من الجدول وإلغاء الترخيص).
واشترط على من يزاول المحاماة عدم الجمع بين المهنة أو أي عمل حكومي أو خاص، وبالتالي فإن كل محامٍ لديه ترخيص من وزارة العدل يعمل في القطاع الخاص أو الحكومي بالإدارات القانونية أو غيرها أو يمارس أعمالًا وأنشطة تجارية أو أستثمارية يكون في مخالفة واضحة تستوجب العقوبة ولا يستثنى من ذلك وفق تصنيف الوزارة سوى أعمال الترجمة والتدريب القانوني.
والحصانة القضائية ليست مطلقة وأساسها ليس الحماية من القانون بل حماية القضاء من أي تجاوز من أركان العمل القضائي، وذلك بالتأديب وهي كلمة فيها تأدب مع الفئة المخاطبة لمكانتهم وضرورة احترامهم حتى عند الخطأ، فلا يكون الحديث عن عقوبة بل تأديب.
وأولى درجات التأديب “لفت النظر” لإحسان الظن بمن يعمل في مرفق العدالة، ولحماية ضمانات المجتمع وسلامة المؤسسة أو السلطة القضائية، فهي ليست بعيدة عن الرقابة والتفتيش والمحاسبة للمنتمين إليها، وتتابع الإدارة العامة للمحاماة المحامين والتفتيش على مكاتبهم ومراجعة أعمالهم عند تجديد تراخيصهم وتقبل الشكاوى ضدهم والتحقيق فيها وإن تطلب الأمر إحالتها إلى لجنة تأديب المحامين.
وتراقب إدارة التفتيش القضائي في المجلس الأعلى عمل القضاة وإنجازاتهم إلكترونيًا وميدانيًا، ولديها إدارات أو أقسام أخرى للتصحيح أو اتخاذ الإجراءات التأديبية المناسبة لإصلاح العمل القضائي، وتنطلق ملاحظات إدارة التفتيش من مدى التزام القضاة بأنظمة المرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية.
صواباتحت رعاية الموقع . كوم
اترك تعليقاً