بعد الحديث عن الإجراءات القانونية للنقض باعتباره أحد طرق الاعتراض غير العادية على الأحكام أمام المحكمة العليا، يأتي الدور الآن على توضيح آثار الاعتراض القانونية وحالاته المختلفة واستثناءاته.
فأولًا إذا لم تقتنع المحكمة العليا بالأسباب التي بُنِيَ عليها الاعتراض بالطعن أيّدت الحكم السابق، أما إذا لم تقتنع نقضت الحكم كله أو بعضه “بحسب الحال” مع ذكر المستند، وتعيد القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم الأول؛ لتحكم فيها من جديد من خلال دائرةٍ أخرى غير التي نظرتها.
وإذا أعيدت القضية بعد نقضها إلى المحكمة التي أصدرت الحكم فيها، ولم يكن فيها قاضي غير من أصدر الحكم، فإنه يجب في هذه الحالة أن يكلف رئيس المجلس الأعلى للقضاء من ينظرها في المحكمة، وفقًا للمادة 198/1 من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية.
ومن الجدير بالذكر هنا أنه لا يترتب على نقض الحكم أي إلغاء لجميع القرارات والإجراءات اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساساً لها، ولا يجوز التمسك أمام المحكمة العليا بسبب لم يرد في مذكرة الاعتراض، ما لم يكن هذا السبب متعلقاً بالنظام العام، فتأخذ به المحكمة من نفسها بحسب المادة 199 من نظام المرافعات الشرعية.
ولكن يشترط أن ترتبط هذه الأسباب بالحكم أو بجزء من الحكم المعترض عليه، ويستوي في ذلك أن يكون هذا السبب متعلقًا بالموضوع أو بالإجراءات، ويقتصر نطاق النقض على الحكم محل الاعتراض فقط دون غيره من الأحكام، ويقتصر النقض على الجزء المطعون فيه من الحكم دون غيره، وعلى الطلبات الموضوعية التي فصل فيها الحكم المطعون فيه.
وهناك حالات عدة يجب فيها على المحكمة العليا الفصل في الموضوع، الأولى؛ الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف في قضايا الحدود مثل “القتل، أو الرجم، أو القطع، أو القصاص في النفس أو فيما دونها”، فهذه الأحكام لا تكون نهائية إلا بعد تأييدها من قبل المحكمة العليا، ولا يكون تأييدها لعقوبة القتل تعزيرًا إلا بالإجماع.
والحالة الثانية أنه إذا تم نقض الحكم للمرة الثانية وكان الموضوع بحالته صالحاً للحكم وجب عليها أن تحكم في الموضوع، ولكن الأصل أنه لا يترتب على الاعتراض لدى المحكمة العليا بطلب النقض وقف تنفيذ الحكم، إلا أن هذا الأصل يوجد عليه استثناءان، الأول؛ إذا نصّ أي نظام على ذلك الوقف والثاني؛ إذا كان يُخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه، وطلب المعترض وقفه في مذكرة اعتراضه، فيحق في هذه الحالة أن تأمر المحكمة بوقف تنفيذ الحكم مؤقتاً، شريطة أن يقدم المعترض كفيلاً غارمًا أو حسب ما تراه المحكمة كفيلاً بحفظ حقوق المعترض ضده وفقًا للمادة 196 من نظام المرافعات الشرعية.