تم إقرار نظام التحكيم بثوبه الجديد كما جاء في جلسة مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، ويترقب الكل التحديثات التي واكبته.. رغم ما يتيحه عصر التطور التكنولوجي من إمكانية إبرام التعاملات التجارية إلكترونيًا تعاظمت أهمية إقرار نظام التحكيم الجديد للفصل في النزاعات التي قد تنشأ على خلفية تلك التعاملات.
ولا يلزم التحكيم الإلكتروني انتقال أطراف النزاع إلى المحكمة ومثولهم ماديًا أمام المحكّمين، بل يمكن سماعهم عبر وسائط الاتصال الإلكترونية بالأقمار الصناعية، هذا إلى جانب سرعة إصدار الأحكام لسهولة الإجراءات؛ إذ يتم تقديم المستندات والأوراق عبر البريد الإلكتروني، ويمكن أيضًا الاتصال المباشر بالخبراء أو تبادل الحديث معهم.
وقد انتشرت هيئات التحكيم الإلكتروني للمساهمة في حل المنازعات التجارية الإلكترونية والحسم الفوري لها؛ وبالتالي يمكن تعريف “التحكيم الإلكتروني” بأنه التحكيم الذي يتم عبر الإنترنت ويكتسب صفة الإلكترونية من تلك الطريقة السمعية والبصرية عبر الشبكة الدولية المفتوحة دون الحاجة للقاء أطراف النزاع والمحكّمين في مكان ما.
ونشأت فكرة مراكز التحكيم الإلكترونية من أجل مواكبة إيقاع التجارة الجديدة النشطة عبر الإنترنت وما يحتاجه من آلية متطورة لفض نزاعاته بالسرعة والدقة ذاتها الموجودة في المحاكم العادية ولكن ضمن ضوابط معينة يرسمها كل مركز لتحديد مجرى التحكيم منذ الاتفاق وحتى صدور قرار المحكّمين، وبذلك نضمن عدم فقدان التجارة الإلكترونية موقعها البارز في التبادل التجاري الدولي بسبب ازدياد حجم النزاعات الناجمة عنها مع عدم توافر آلية جديدة وسريعة لفضّ النزاعات.
التحكيم بواسطة الإنترنت أو ما يعرف بفض المنازعات عن بعد عن طريق مراكز التحكيم ذو فاعلية وأهمية كبرى في فض المنازعات بطرق عصرية حديثة لم يألفها المتقاضون من قبل وكذلك
ويقع على رجال القانون والمحكمين مسوؤلية مواجهة هذا التطور المذهل في ثورة الاتصالات بما يتفق مع القواعد القانونية؛ لمساندة التطور في مجال التحكيم عن بُعد وخصائصه القانونية التي تميزه عن التحكيم العادي أو ما يشابه القضاء العادي.
ومن مميزات هذا التحكيم تجنيب أطراف العقد عدم مسايرة القانون والقضاء للعقود الإلكترونية سواءً قانونياً أو قضائياً، وعدم الاعتراف القانوني بهذه العقود أو صعوبة تحديد القانون الواجب التطبيق، وتحديد المحكمة المختصة، وهذا الأمر ليس بالأمر السهل وفقاً للقضاء العادي عند إحالة النزاع إليه، والسرعة في الفصل في النزاع رغم ازدياد عقود التجارة الإلكترونية، بل إنه يفوق كثيراً سرعة الفصل في المنازعات المعروضة عليه مقارنة بالتحكيم التجاري العادي الذي يحتاج مدة أطول بكثير، وسبب ذلك الحضور المادي للأطراف ولهيئة التحكيم وتبادل المرافعات والبيانات بين الخصوم، الرغبة في عرض النزاع على أشخاص ذوي خبرة فنية خاصة ومحل ثقة تواكب تطور التجارة الإلكترونية، لاسيما في المجال الفني والقانوني لهذه التجارة، تقليل نفقات التقاضي ما يتناسب مع حجم العقود الإلكترونية المبرمة التي لا تكون في الغالب كبيرة بل متواضعة، وتستخدم أحياناً نظم الوسائط المتعددة التي تتيح استخدام الوسائل السمعية والبصرية في عقد جلسات التحكيم وهذا يقلل من نفقات السفر والانتقال.
ويتميز التحكيم الإلكتروني أيضًا بالسرية ما يحول دون إلحاق الضرر بسمعة الأطراف المحتكمين، وكذلك سهولة الحصول على الحكم بسبب تقديم المستندات عبر البريد الإلكتروني أو من خلال الواجهة الخاصة التي صممت من قبل المحكم أو المركز لتقديم البيانات والحصول على الأحكام موقعة من المحكمين، وأخيرًا وجود اتفاقية دولية بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين، وهي اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف بأحكام المحكمين وتنفيذها للعام (1958)، وذلك على خلاف أحكام القضاء؛ حيث لا يوجد حتى الآن اتفاقية تحكم الاعتراف والتنفيذ الدولي مثل اتفاقية نيويورك، مع أن هناك اتفاقات إقليمية وثنائية لتنفيذها.
صواباتحت رعاية الموقع . كوم
اترك تعليقاً