نستكمل في هذا المقال النصوص القانونية الأخرى بشأن أزمة جزيرتي “تيران وصنافير”، والتي أثارت الكثير من الجدل القانوني والشعبي بين البلدين خلال الفترة الماضية حول أحقية كل منهما في امتلاكهما، والتي وردت في مؤلفات بعض كبار فقهاء القانون الدولي العام في مصر.
ونبدأ بالدكتور محمد طلعت الغنيمي، أستاذ ورئيس القانون الدولي العام بكلية الحقوق في جامعة الإسكندرية، الذي عالج في الصفحة 1058 وما بعدها من كتابه “الأحكام العامة في قانون الأمم” قضية خليج العقبة، وذكر بشأن ملكية جزيرتي صنافير وتيران ما يأتي (تطل على خليج العقبة ثلاث دول عربية هي الجمهورية العربية المتحدة والأردن والمملكة العربية السعودية، كما تطل عليه اسرائيل. ويبلغ اتساع الخليج عند مدخله – ما بين نيق ورأس فرتك – خمسة أميال وثلاثة أرباع الميل وتقع على المدخل جزيرتان هما تيران وصنافير، وهما جزيرتان سعوديتان ويبلغ طول الخليج من جنوبه إلى شماله 96 ميلاً ولا يتجاوز اقصى اتساع له 16 ميلاً ونصف الميل. أما مضيق تيران فاتساعه ثلاثة اميال يشقه طريقان صالحان للملاحة هما ممرا انتربريز وجرافتون، واتساع الممر الأول 1300 ياردة واتساع الممر الثاني 950 ياردة).
وأضاف الكتاب (احتلت مصر في نهاية 1949 وبموافقة المملكة العربية السعودية جزيرتي تيران وصنافير. وفي 28 يناير 1950 أخطرت الحكومة المصرية السفير الاميركي بانها لا تنوي أن تتدخل في الملاحة السلمية وأن هذا الممر سيظل حراً كما كان في الماضي طبقاً لما جرى عليه العمل الدولي وما تقضي به قواعد القانون الدولي المعترف بها. ولكن حال الحرب بين مصر واسرائيل دعت مصر إلى غلق خليج العقبة في وجه إسرائيل… واتفقت السلطات المصرية والسعودية إثر احتلال اسرائيل لأم الرشراش على ان تقوم القوات المصرية باحتلال الجزيرتين اللتين تتحكمان في مدخل الخليج- جزيرتي تيران وصنافير– لكي ترد على إسرائيل كيدها بمنعها من الاستفادة من هذا الميناء كإجراء من اجراءات الدفاع الشرعي المتفقة وأحكام القانون…).
النقطة الثالثة أنه بعد نشوب العدوان الثلاثي على مصر العام 1956 واحتلال إسرائيل لسيناء والجزيرتين، أعلن المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة تمسك بلاده بملكية هاتين الجزيرتين، وذلك عبر المذكرة المرسلة إلى سكرتير العام للأمم المتحدة العام 1957 ولم تعترض مصر آنذاك على التصريح السعودي، وفقًا لكتاب “مضيق تيران في ضوء أحكام القانون الدولي ومبادئ معاهدة السلام” للدكتور عمرو عبدالفتاح خليل.
ورابعاً مطالبة العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز بعودة تيران وصنافير إلى السيادة السعودية وأنه يعتبر الحكومة المصرية والرئيس الأسبق حسني مبارك مسؤولين عن إعادتهما إلى المملكة، وفقًا لكتاب “مشكلات الملاحة البحرية في المضايق العربية” للدكتور عبدالمنعم محمد داود.
بينما تشتمل النقطة الخامسة على تأكيد الكاتب الصحافي الراحل محمد حسنين هيكل حقيقة ملكية السعودية للجزيرتين في كتابه “سنوات الغليان”، وجاء فيه (جزر صنافير وتيران التي كانت مصر تمارس منها سلطة التعرض للملاحة الإسرائيلية في الخليج هي جزر سعودية وجرى وضعها تحت تصرف مصر بترتيب خاص بين القاهرة والرياض).
وأخيرًا كشفت وزارة الخارجية المصرية عن المراسلات التي دارت بين الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السابق، ونظيره المصري الدكتور عصمت عبدالمجيد العامين 1988 و1990 وتضمنت رغبة المملكة في عودة الجزيرتين إليها بعد انتهاء أسباب إعارتها لمصر، وأن القاهرة لم تعترض بل طلبت تأجيل الطلب إلى وقت أكثر ملاءمة، وقصدت بعد انتهاء الانسحاب الإسرائيلي من أراضيها بموجب معاهدة السلام التي أبرمها الطرفان.