حل المنازعات التجارية ما بين الوساطة والتحكيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد عليه وعلى أله أفضل الصلاة وأزكى التسليم أما بعد، ذكر المحامي والدكتور تفصيلا حول موضوع حل المنازعات التجارية ما بين الوساطة والتحكيم وفيما ياتي اهم ماذكر فيها :

الوساطة والتحكيم من أقدم وأقوى وسائل فض النزاع البديلة، ولكل منهم مميزاته وعيوبه، ولكن في النهاية ما يحدد أفضلية أي منهما هو موضوع النزاع ورغبة الأطراف وقدرتهم على تحمل أحدهما.

أولا: مفهوم الوساطة

تعتبر الوساطة أحد أساليب فض المنازعات البديلة، وتعرف بأنها عملية تفاوضية لحل نزاع ما بين طرفين بواسطة طرف ثالث، على أن يتصف هذا الطرف والذي يُسمى بالوسيط بالحيادية وعدم التحيز لأحد الأطراف.

تهدف الوساطة للتوصل إلى حلول ترضي كلا الطرفين، حيث يقوم الوسيط بالتفاوض بين طرفي النزاع إلى أن يتوصل إلى حل مشترك متفق عليه من قبل الطرفين، وتكون الموافقة على هذا الحل طواعية بينهم ومقبولة لكل منهم في أغلب جوانب هذا الحل إن لم يكن في الحل كله.

ثانيا: مفهوم التحكيم

يعتبر التحكيم أقرب وسائل فض المنازعات للقضاء وذلك لما يكتسبه حكم التحكيم من قوة تنفيذية وإلزامية، كما يكتسب التحكيم قوته من الأنظمة القانونية الحاكمة له سواء المحلية او الدولية.

يلجأ أطراف النزاع إلى التحكيم بالاتفاق بينهم – سواء في العقد المنشأ للعلاقة التجارية أو في اتفاق منفصل- على اللجوء إلى التحكيم بدلاً من القضاء العادي؛ فيختار الأطراف الشخص المناسب (طبيعي أو اعتباري) الذي سيقوم بفض النزاع بينهم والذي يُسمى بالمحكم.

ومتى اتفق الأطراف على التحكيم كوسيلة لفض المنازعات الناشئة أو التي قد تنشأ بينهم؛ عُد التحكيم هو الطريق الرئيسي لفض المنازعات فيما بينهم، فلا يجوز لأحدهما التملص من هذا الاتفاق.

ثالثا: أهم العوامل المشتركة بين الوساطة والتحكيم

رغم أن التحكيم والوساطة يختلفون في عوامل عديدة إلا أنهم يشتركون في بعض الخصائص ومنها:-

  1. كلاهما وسائل بديلة للقضاء العادي:

يعتبر القضاء العادي هو وسيلة فض النزاع الرئيسية في أغلب إن لم يكن كافة الأنظمة والتشريعات القانونية، إلا في حالات بسيطة نصت عليها القوانين الحديثة.

لا شك أن للقضاء العادي أهمية كبيرة وهو أكثر وسائل النزاع قوة ولكن لما يشيبه من بعض العيوب كالمدد الطويلة والإجراءات الروتينية الكثيرة…وأخرى، فقد تم الاتجاه إلى وسائل أخرى بديلة للتقاضي تتسم بمرونة أكبر وسرعة أعلى فضلاً عن ما تتسم به من مميزات أخرى.

والسؤال هنا ما هي وسائل فض النزاع البديلة؟

هناك ثلاثة وسائل بديلة لفض المنازعات لكل منهم مميزاته وعيوبه وتتمثل في الصلح، التحكيم، والوساطة وما نقصده هنا هو دور هذه الوسائل في المنازعات التجارية.

  1. كلاهما يتم بالاتفاق:

التحكيم والوساطة وسائل اتفاقية، فلا يجوز اللجوء لأي منهما إلا بموافقة أطراف النزاع.

  1. طرق الاتفاق هي (عقد منفصل، شرط في عقد):

يشترك أيضاً التحكيم والوساطة في طرق الاتفاق المتاحة وهما طريقتين؛ تتمثل الأولى في عقد منفصل ويتم ذلك في حالة كان النزاع قائم بالفعل.

والثانية هي شرط في العقد المنشئ للعلاقة القانونية بين الأطراف، ويتضمن هذا الشرط إقرار من الأطراف بأن يكون التحكيم أو الوساطة هو وسيلة فض النزاع الرئيسية فيما ينشأ من نزاعات مستقبلية عن هذه العلاقة.

فالتحكيم يتم إما بما يسمى “اتفاقية التحكيم” أو ما يُسمى “شرط التحكيم”.

أما الوساطة فتتم من خلال “عقد الوساطة” أو “شرط الوساطة”.

رابعا: أوجه الإختلاف بين الوساطة والتحكيم

يختلف التحكيم والوساطة في أوجه عديدة، وبالنظر إلى منبع هذا الاختلاف نرى أنه قد يكون بسبب الطبيعة الإلزامية للتحكيم وكونه أقرب إلى القضاء وعلى نقيض ذلك طبيعة الوساطة الرضائية من الألف إلى الياء، فإن كان الوساطة والتحكيم يقعان باتفاق الأطراف، فالوساطة تتعدى ذلك إلى أن نصل إلى الحل النهائي للنزاع والذي ينتج كذلك باتفاق الأطراف.

ما هي أهم الخصائص المختلفة بين التحكيم والوساطة؟

من حيث حجية التنفيذ:

  • يعتبر حكم التحكيم ملزماً للطرفين سواء كان ذلك برضاهم أم بدون رضاهم، وفي هذه الحالة يكون مصدر الإلزام هو الحكم، ويعتبر الحكم سنداً تنفيذياً.
  • أما فيما يخص الوساطة فتعتبر الحلول التي توصل إليها الوسيط غير ملزمة للطرفية ولا تعدو كونها وصاية حتى يتراضى الطرفين على تنفيذها، ويكون مصدر الإلزام هنا هو التراضي، ولا تكتسب الوساطة صفة السند السند التنفيذي إلا بصدور حكم قضائي أو بإقرار الطرفين أمام قاضي التنفيذ.
  • ومن ناحية أخرى رغم قوة حكم التحكيم التنفيذية إلا أنه غالباً لا يكون على غرض كلا الطريفين، فدائما ما نرى أحدهما منزعجاً من الحكم غير راضياً به، بل قد لا يُرضي أيَّ منهما.

من حيث حسم النزاع:

  • لا يتضمن التحكيم أي تنازل من الطرفين وعلى العكس من ذلك قد يقوم أحد الأطراف بالتنازل بل قد يتنازل الإثنان معًا عن بعض حقوقهما.
  • الجهة الحاسمة للنزاع في التحكيم هي المحكمون، أما في الوساطة فيتم حسم النزاع من قبل الأطراف أنفسهم.

من حيث الأحكام الإجرائية:

  • لا يجوز عرض حكم التحكيم على القضاء إلا عن طريق دعوى البطلاب لأسباب إجرائية، أما الوساطة فيجوز عرضها على القضاء لإثبات مضمونها فقط وإصدار حكم بذلك، ولا يجوز الرجوع للقضاء مرة أخرى.
  • يجب أن تكون هيئة التحكيم ذو عدد وتري، أما الوساطة فيجوز أن يكون عدد الوسطاء وترياً أو زوجياً.
  • يسري التحكيم بناء على إجراءات نظامية أو اتفاقية أما الوساطة فلا تتطلب أي إجراءات.
  • يشترط في التحكيم توافر مجموعة من الشروط في هيئة التحكيم يتم تحديدها من قبل نظام التحكيم في كل دولة، أما الوساطة فيكفي في الوسيط القدرة على العمل وصحة الأهلية.

اترك ردّاً

Call Now Buttonاتصل الآن