الرقابة السياسية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد عليه وعلى أله أفضل الصلاة وأزكى التسليم أما بعد، ذكر المحامي والموثق تفصيلا حول موضوع الرقابة السياسية وفيما ياتي اهم ماذكر فيها :

تعدّ الرقابة السياسية ذات أهمية عالية؛ لما لها من أهداف سامية أهمها الحفاظ على مصلحة المجتمع وكيانه بصفة عامة، ومصلحة الأفراد وحقوقهم بصفة خاصة، ويكون المسؤول عن الرقابة السياسية هيئة معينة من قبل الدولة مختصة بهذا الشأن، وتفرض الرقابة السياسية على دستورية القوانين، وتفرض أيضًا على أعمال الإدارة العامة وهيئاتها، حيث أن الرقابة السياسية على دستورية القوانين رقابة على درجة من الأهمية، والسبب في ذلك أنها تفحص مدى ملائمة القوانين لأحكام الدستور، أما الرقابة الدستورية على أعمال الإدارة العامة فهي رقابة تفرض من أجل أن تكون قرارات الإدارة جميعها وهيئاتها ودوائرها شرعية ضمن حدود القانون، وفي هذا المجال سيتم إيضاح مفهوم الرقابة السياسية، والرقابة السياسية على دستورية القوانين وأعمال الإدارة العامة.

مفهوم الرقابة السياسية تتنوّع طرق الرقابة فمنها الرقابة السياسية والرقابة القضائية، أما مفهوم الرقابة السياسية يعني” قيام هيئة مكونة من عناصر سياسية وقانونية للرقابة على مشروعية أعمال الإدارة العامة والبحث في مدى مطابقة القوانين العادية قبل إقرارها لأحكام الدستور”، وتعدّ هذه الرقابة رقابة وقائية، حيث أنه إذا كان القانون مخالف للدستور أو أي تصرف من الإدارة العامة غير مشروع تمنعه قبل صدوره أو تنفيذه. وبالتالي فإنّ الرقابة السياسية هي رقابة تقترب إلى المنطق، والسلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية هي المسؤولة عن هذه الرقابة ويغلب عليها الطابع السياسي العام، لكن وبالرغم من ذلك لا يوجد أي اتفاق موحد بين جميع الدول على الهيئة التي يسند إليها عمل الرقابة السياسية، فقد يكون إما البرلمان وحده هو المسؤول عن هذه الرقابة، أو البرلمان باشتراكه مع السلطة التنفيذية.

الرقابة السياسية على دستورية القوانين تبيّن من خلال مفهوم الرقابة السياسية أن هذه الرقابة هي رقابة وقائية، وبالتالي فإن الرقابة على دستورية القوانين هي رقابة تتم قبل صدور القانون ونشره في الجريدة الرسمية، وتتولى هذه الرقابة هيئة سياسية معينة للتأكد من مدى مطابقة القوانين العادية لأحكام الدستور قبل صدورها، وأول من تبنى هذه الرقابة الدستور الفرنسي عام 1958، وعهد بهذه الرقابة إلى المجلس الدستوري، ويتكون المجلس الدستوري من أعضاء معينين مدى الحياة لهم خبرات سياسية واسعة، وأعضاء معينين لمدة تسع سنوات، أما رئيس المجلس فيتم اختياره من بين هذه الأعضاء بواسطة رئيس الجمهورية. وتتميّز هذه الرقابة أنها تمنع أي صدور أي قانون مخالفًا في أحكامه للدستور، وبالتالي فإن الرقابة السياسية تنسجم مع المبدأ المعروف وهو “الوقاية خير من قنطار علاج”، وهذا يعني أن الرقابة السياسية أفضل من الرقابة القضائية التي قد تؤخر سير العدالة، وتعتبر الرقابة السياسية رقابة موضوعية لكن آثارها سياسية، حيث أن الجهة المعنية بهذه الرقابة لها مكانة عالية في الدولة ألا وهي السلطة التشريعية(البرلمان)، حيث أن عملها محققًا لمصلحة الدولة بشكل أساسي.

الرقابة السياسية على أعمال الإدارة العامة تعدّ هذه الرقابة من الرقابات التي يمارسها البرلمان على تصرفات وقرارات السلطة التنفيذية بما فيها من هيئات ودوائروالقائمين على أعمالها، حيث إنّ هذه الرقابة تتلخص في مدى مطابقة أعمال الإدارة العامة وتصرفاتها وقراراتها لأحكام القانون، حيث أن هذه الرقابة تعد ضمانة أساسية في الدرجة الأولى للحفاظ على حقوق الأفراد وحرياتهم وصيانتها من تعسف الإدارة، فيجب على السلطة التنفيذية حين ممارستها لوظائفها ألّا تخرج عن حدودها المرسومة لها في القانون. وحتّى يتم التأكد من تقيّد السلطة التنفيذية بحدود القانون وعدم مخالفتها إياه، فرضت الرقابة السياسية عليها، فلا يكفي أن تكون قرارات الإدارة وتصرفاتها غير مخالفة للقانون، بل يجب ان تكون هذه القرارات والتصرفات مبنية على أساس القانون، فيمارس البرلمان هذه الرقابة على الإدارة العامة وفقًا للإجراءات الشكلية المبينة في القانون، للحفاظ على سير المرافق العامة بانتظام وحمايةً لحقوق الأفراد وحرياتهم، والعمل على تصحيح أي مخالفة وعدم حدوثها مستقبلًا

اترك ردّاً

Call Now Buttonاتصل الآن