عقد الإيجار في الفقه الإسلامي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد عليه وعلى أله أفضل الصلاة وأزكى التسليم أما بعد، ذكر المحامي والدكتور تفصيلا حول موضوع عقد الإيجار في الفقه الإسلامي وفيما ياتي اهم ماذكر فيها :

عقد الإيجار وعقد البيع من العقود التي نظم أحكامها التشريع الإسلامي، ويختلف عقد الإيجار عن عقد البيع أنه مؤقت المدة (بمعنى أن الحق لا ينتقل به مؤبداً) أما عقد البيع فهو عقد مؤبد (ينتقل به الحق بشكل مؤبد).

يترتب على اختلاف العقدين من حيث التأقيت والتأبيد اختلاف الأحكام المنظمة لكل منهما، وسنتعرف في هذا المقال على الأحكام الرئيسية لعقد الإيجار في الفقه الإسلامي.

أولا: مشروعية عقد الإيجار

اتفق جمهور الفقهاء على مشروعية الإيجار واستندوا في ذلك إلى الآتي:

الدليل من القرآن:

قوله تعالى:”فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ” (الطلاق:6/ 65)

وقوله تعالى:”قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ۖ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ ” (القصص:26/ 28 – 27).

الدليل من السنة:

قوله صلى الله عليه وسلم:”أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه”

وقوله صلّى الله عليه وسلم: “من استأجر أجيراً فليعلمه أجره ”

الدليل من الإجماع:

أجمعت الأمة الإسلامية في عهد الصحابة-رضي الله عنهم- على جواز الإيجارة، وبرروا ذلك قياسًا على البيع؛ فالبيع يقع على الأعيان التي يحتاجها الناس، ولأن حاجة الناس للمنافع لا تقل عن حاجتهم للأعيان ولما كان البيع مشروعًا جائزاً فكان من الواجب مشروعية وجواز الإيجار.

ما المقصود بالإيجار؟

يستوي معنى الإيجار لغة ومعناه شرعًا ويقصد به “بيع المنفعة”. وفي رأي الحنفية أن الإجار كالبيع لا يصح تعليقه وقالوا في ذلك: “الإيجار: عقد على المنافع بعوض”.

أما عند جمهور الفقهاء فقد أجازوا إضافة الإيجار إلى زمن في المستقبل وذلك على خلاف البيع الذي لا يجوز تعليقه على المستقبل.

وفي رأي الشافعية؛ لا يفرق الشافعية الإيجار عن البيع من ناحية تعليقه على المستقبل، ولكنهم يروا جواز إضافة الإيجار في الذمة، وذلك استناداً إلى أن الدَّين يقبل التأجيل وبذلك فإن إضافة الإيجار إلى الذمة يُكسبه صفة جواز إضافته إلى المستقبل.

وقد اتفق المالكية والحنابلة في مشروعية الإيجار فعرفوا الإيجار أنه تمليك منافع مباحة لمدة معلومة بعوض.

ومن الجدير بالذكر فيما يخص مشروعية الإيجار تأكيد أكثر الفقهاء على ضرورة وقوع الإيجار على المنفعة لا على العين، ووضحوا ذلك بمثال إيجار الشجر؛ فلم يجيزوا إيجار الشجر للحصول على ثمره لأن الإيجار هو تمليك منفعة وليس تمليك عين والثمار تُعتبر من الأعيان وبذلك لا يجوز تأجيرها وإنما يجوز بيعها.

ثانيا: أركان عقد الإيجار

أركان الإيجار عند  الحنفية تقتصر على الإيجاب والقبول، بينما يرى جمهور الفقهاء أن أركان الإيجار أربعة ووهما:

  1. العاقدان: ويقصد بالعاقدان أطراف عقد الإيجار وهما المؤجر والمستأجر.
  2. الصيغة: وهي الإيجاب والقبول.
  3. الأجرة: وهي المقابل المالي لعقد الإيجار.
  4. المنفعة: وهي محل عقد الإيجار وتختلف حسب طبيعة العقد فلو كان عقد ايجار شقة سكنية فإن المنفعة هي السُكنى في هذه الشقة.

ثالثا: شروط عقد الإيجار

يشترط في عقد الإيجار توافر أربعة أنواع من شروط وهما:

  1. شروط الانعقاد: وتشمل شروط الانعقاد الشروط المتعلقة بالعاقدان والشروط المتعلقة بالشيء المعقود عليه وأخرى متعلقة بمكان العقد.
  2. شروط النفاذ: يشترط لنفاذ عقد الإيجار توافر صفة الملك، لو لم يملك المؤجر الشيء محل الإيجار فإن العقد لا يُعتبر نافذاً، فعلى سبيل المثال لو صدر الإيجار من الشخص الفضولي، فإنه لا يُنفذ ولا يرتب آثاره إلا بعد إذن المالك بنفاذ العقد.
  3. شروط صحة الإيجار: يُشترط لصحة الإيجار توافر عدة شروط سواء متعلقة بالعاقد أو بمحل العقد ومنها:
  • توافر رضا المتعاقدين.
  • أن يكون المعقود عليه معلومًا؛ ويقصد بالمعقود عليه المنفعة محل الإيجار.
  • أن يكون الحصول على المنفعة ممكناً حقيقة وشرعًا، فلا يمنع تنفيذ العقد مانع حقيقي أو عذر شرعي.
  • أن يكون المعقود عليه مباح شرعًا.
  1. شروط لزوم الإيجار: لكي يبقى عقد الإيجار ساريًا يُشترط أن يتوافر فيه شرطان

أولهما: أن تكون العين المؤجرة سالمة من أي عيب يخل بالانتفاع بها.

ثانيهما: ألا يحدث عذراً أو يتوفر حدثاً يجيز فسخ الإجارة.

اترك ردّاً

Call Now Buttonاتصل الآن