سلطة القاضي التقديرية في الفسخ الاتفاقي

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد عليه وعلى أله أفضل الصلاة وأزكى التسليم أما بعد، ذكر المحامي والدكتور تفصيلا حول موضوع سلطة القاضي التقديرية في الفسخ الاتفاقي وفيما ياتي اهم ماذكر فيها :

يختلف الفسخ الاتفاقي عن الفسخ القضائي ، فيتمتع القاضي بسلطة تقديرية واسعة في حالة الفسخ القضائي ولا تكون له تلك السلطة التقديرية الواسعة في حالة الاتفاق مقدماً على فسخ العقد، لأن الفسخ يقع تلقائياً بغير الحاجة إلى حكم قضائي في حال تمسُك الدائن به.

بيد أنه من الوارد نشوء نزاع بين كلاً من الدائن و المدين يؤدي إلى الحاجة لتدخل القضاء لحل النزاع، والذي ممكن أن يتمثل في أن يُنكر المدين حق الدائن في فسخ العقد بإرادته المنفردة، مثل أن يدعي قيامة بتنفيذ العقد، ومن هنا تنطلق سلطة القاضي التي تقتصر على التحقق من بعض المسائل القانونية مثل:

أولا: تحقـق القاضــي من الشـروط الشكليـة في الفسخ الاتفاقي

كما سبق القول أن سلطة القاضي في الفسخ الاتفاقي تقتصر على التحقق من وجود اتفاق بين طرفي العقد على فسخه وذلك التحقق من قيام الدائن بإعذار المدين وهذا ما يمكن أن نطلق عليه الشروط الشكلية والتي سنتطرق للحديث عنها تباعاً:

  • التحقق من وجود اتفاق على فسخ العقد:

يشترط فى الفسخ الاتفاقي إمكانية وجود عقداً فيه اتفاقاً يقضي بالفسخ بإرادة المتعاقد الدائن، و بناء عليه إذا قام الدائن بفسخ العقد ، ورفع الأمر إلى القضاء بعدما نازعه المدين في ذلك، فالقاضي في تلك الحالة يصبح ملزماً بالتحقق من أنه يوجد اتفاق على فسخ العقد بالإرادة المنفردة.

وبعد أن يتحقق القاضي من القصد من هذا الاتفاق، وفي حالة أن اتضح له من نية طرفي العقد أن الفسخ لا يعدو أن يكون ترديدا لمبدأ الفسخ القضائي، ومن هنا تقوم سلطة القاضي التقديرية مجدداً فيستطيع أن يحكم بالإبقاء على العقد ليطبق عليه قواعد الفسخ الاتفاقي.

  • تحقق القاضي من قيـام الدائن بإعذار المدين:

يعتبر قيام الدائن بإعذار المدين هو إجراء ضروري في كلا من الفسخين، القضائي والاتفاقي، وإذا ما طُرح على القاضي نزاعاً متعلقاً بالفسخ الاتفاقي، فبعد أن يتأكد القاضي من وجود اتفاق على فسخ العقد، فإنه يتأكد أيضاً أن الدائن قام بإعذار مدينه بالتزامه الذي لم يُنفذ، وذلك بهدف إثبات إخلال الطرف الثاني بإخلال التزامه حتى يكون استعماله لحق الفسخ بناء على رغبته استعمالاً صحيحاً.

وإن اتضح للقاضي أن الدائن قام بفسخ العقد دون إعذار المدين، فللقاضي سلطة أن يعتبر العقد مازال قائماً، وبالتالي  يكون متاحاً معه للمدين أن ينفذ التزامه.

وبناء على ما سبق يمكن اعتبار  الإعذار أنه دعوة رسمية من الدائن  للمدين لكي يفي بالتزامه خلال مدة يحددها له فإذا انتهت تلك المدة فُسخ العقد تلقائياً.

ثانياً: تحقق القاضــــي من الشـرط الموضوعـي في الفسخ الاتفاقي 

إذا تحقق وتأكد القاضي من توافر الشروط سالفة الذكر  فإنه يتحقق بعد ذلك من وجود تقصير على عاتق المدين بعدم قيامه بالتنفيذ، وعدم التنفيذ له حالتين:

  • التنفيذ المطلق سواء كان كليًا أو جزئيًا.
  • التنفيذ النسبي بمعنى التأخير في التنفيذ.

وسنتطرق إلى شرح كل منهم فيما يلي:

  • حالـة عـدم التنفيـذ المطلـق:

في الفسخ الاتفاقي يستوي عدم التنفيذ الكلي و عدم التنفيذ الجزئي.

ففي  حالة عدم التنفيذ الكلي للعقد يجب على القاضي أن يحكم بالفسخ.

كذلك أيضاً في حالة عدم التنفيذ الجزئي، فالاتفاق على فسخ العقد الذي تم ابرامه بين المتعاقدين يسلب من القاضي سلطته التقديرية في فسخ العقد، وبالتالي اذا تم التحقق من عدم تنفيذ العقد، فإن القاضي يصدر حُكمة بفسخ العقد.

ولكن هذا لا يعني أن الاتفاق على الفسخ يعتبر جائزاً ولو كان الجزء الذي لم يُنفذ بسيطاً، لمخالفة ذلك لمبدأ حسن النية في تنفيذ العقود، وبناء عليه فللقاضي الذي يُطرح عليه النزاع، إذا تبين له أن عدم التنفيذ كان في جزء بسيط، فإنه يحكُم ببطلان الاتفاق، وبالتالي يخلو العقد من أي اتفاق.

  • حالـة التأخيـر في تنفيذ العقد:

لا يوجد سلطة تقديرية للقاضي في منح المدين أجلاً لتنفيذ العقد في حالة الفسخ الاتفاقي لأنه يفهم ضمناً من اصطلاح الاتفاق على فسخ العقد الذي قبله المدين تنازله عن المهلة أو الأجل التي كان ممكناً أن يستفيد منها في حال أنه لم يوافق على الفسخ الاتفاقي.

فمن المستحيل أن يتنازل صاحـب المصلحـة عن مميزات من الوارد أن تقيده أو تربطه، ثم يعيدها ويرجعها إليـه القاضـي بعـد أن تنازل عنها بإرادة كاملة وحرة.

اترك ردّاً

Call Now Buttonاتصل الآن