المطلق والمقيد في اصول الفقه

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد عليه وعلى أله أفضل الصلاة وأزكى التسليم أما بعد : ذكر المحامي والموثق تفصيلا حول موضوع المطلق والمقيد في اصول الفقه وفيما ياتي اهم ماذكر فيها :

المطلق عند الأصوليين : ما دل على الحقيقة بلا قيد، يقصدون بالحقيقة: الماهية، والماهية يعني: ماهية الشيء، وأصل الشيء، وحقيقة الشيء، فمثلا: عندك كلمة رجل حقيقة لهذا الإنسان، كلمة رقبة حقيقة لهذا الجزء من بدن الإنسان، هذا المطلق: يدل على ماهية الشيء بدون أي قيد من القيود.

أما المقيد: فهو ما دل على الحقيقة، ولكن بقيد. إذا قيل: جاء رجل. هذا مطلق، لكن لو قيل: جاء رجل كريم. هذا مقيد، إذا قيل: رقبة. مطلق؛ لأنها كلمة ما تدل إلا على حقيقة الرقبة فقط، لكن: اعتق رقبة مؤمنة. مقيد.

بعض الطلاب يشكل عليها الفرق بين العام والمطلق؛ والسبب في الإشكال أن كلا منهما فيه عموم، إذا قيل: أكرم الطلاب. هذه صيغة عموم -مثل ما مر-؛ لأن الاسم دخلت عليه “أل” الاستغراقية.. صيغة عموم.

إذا قيل: أكرم طالبا. هذا مطلق؛ من مواضع الإطلاق النكرة في سياق الإثبات، فأكرم طالبا هذا مطلق، طيب. الآن كما تلاحظون في اللفظين أن فيهما عموما.

أما أكرم الطلاب : أنا لو جاء مثلا ضيف، وقلت: أكرم الطلاب، اللي -إن شاء الله- موجودون في هذا المسجد. لازم يكرم جميع الأفراد، ما يترك ولا طالبا واحدا، لو كان العدد الموجود -مثلا- مائة، وأكرم تسعة وتسعين ما حصل المقصود؛ لأنه باق فرد الآن، هذا لفظ العموم الذي يفيد الاستغراق والحصر.

لكن اللفظ المطلق (أكرم طالبا) فيه عموم من جهة أنه لم يعيَّن طالب معين، كل الموجودين يصلح واحد منهم فقط للإكرام، فإذا قال الضيف: اتفضل يا أخي، أنت تعالى، خذ جائزة لك، أريد أن أكرمك. ينتهي الموضوع ولَّا ما ينتهي؟ ينتهي الموضوع، لأيش؟ لأن النكرة ما تتناول إلا فرادا فقط فردا واحدا غير معين.

لكن لما كان الفرد غير معين صار فيه أيش؟ عموم؛ ولهذا يقولون: عموم العام شمولي، وعموم المطلق بدلي.

إيش معنى: عموم العام شمولي؟ يعني أن اللفظ العام يستغرق جميع الأفراد، إيش معنى: عموم المطلق بدلي؟ يعني أنه فيه عموم، ولكن إذا أخرج فرد من أفراد العموم انتهى الأمر، إذا أخرج فرد وحُدِّدَ فرد من أفراد العموم -بالنسبة للفظ المطلق- انتهى الأمر.

فلعله بهذا اتضح لنا الفرق بين العام، وبين المطلق. طيب، ممكن واحد يعطينا الفرق؟ الإخوان في الجهة هذه؟ اتفضل أخي.. نعم أنت.. إيه؟. .عمومه؟ أحسنت.. بدلي. وفهمتم يا إخوان في المثال: أكرم الطلاب، هذا عام، ولا يحصل المقصود إلا بإكرام الجميع، (أكرم طالبا) فيه عموم، ولكن يحصل المقصود بإكرام طالب واحد. طيب

ما حكم المطلق والمقيد؟

المطلق والمقيد ثلاثة أنواع:

النوع الأول: مطلق عن القيود، هذا يعمل به على إطلاقه، كما في قول الله -تعالى- في كفارة الظهار: ﴿ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ﴾ الذين لا يشترطون الإيمان في كفارة الظهار، ما وجه استدلالهم؟ يقولون: إن لفظ رقبة جاء مطلقا، غير مقيد، فيعمل به على إطلاقه.

ويمكن -أيضا- أن يمثل بقول الله -تعالى- في سياق المحرمات من النساء: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُم ﴾ إلى أن قال: ﴿ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ﴾ لكن لما جاء ذكر الربائب قال -تعالى-: ﴿ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنّ 

فلهذا قال العلماء: إن أم الزوجة تحرم بمجرد العقد على البنت؛ لأن الآية ما ذكرت قيد الدخول، تحريم أم الزوجة، إنما جاءت الآية مطلقة؛ ولهذا ذكر القرطبي في تفسيره، ونسبه إلى جمهور السلف، على أن أم الزوجة تحرم بمجرد العقد على بنتها أخذا من إطلاق الآية.

النوع الثاني من النصوص: نصوص مقيدة: ما حكمها؟ يعمل بها على تقييدها. ففي كفارة الظهار قال الله -تعالى- بعد ذكر الرقبة: ﴿ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا 

عندنا قيدان إذ لابد أن يكون الصيام: القيد الأول: متتابعا، القيد الثاني: من قبل أن يتماسا. إذن يعمل به على تقييده.

ومثله أيضا قول الله -تعالى- في كفارة اليمين: ﴿ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَام ﴾ الصيام مطلق ولَّا مقيد؟ مقيد، بماذا؟ بعدم القدرة على الإطعام، وعلى الكسوة، وعلى أيش؟ وعلى الإعتاق، هذا معنى أنه مقيد.

النوع الثالث من النصوص: نصوص جاءت مطلقة في موضع، ومقيدة في موضع آخر.

فالقاعدة العامة في الباب: أن يحمل المطلق على المقيد -ولَّا المسألة فيها تفاصيل عن الأصوليين- لكن القاعدة العامة: أن يحمل المطلق على المقيد.

فأنت -مثلا- إذا قرأت قول الله -تعالى-: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّم ﴾ تجد أن لفظ الدم مطلق، ما قيد بأي قيد من القيود، لكن لما قال الله -تعالى- في سورة الأنعام: ﴿ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا ﴾ إذن قُيِّد الدم بأنه المسفوح: أي المصبوب، فلا بد يقيد اللفظ الأول، ولا يحرم من أنواع الدم إلا ما كان مسفوحا، أما ما يبقى بالعروق، أو ما يبقى في اللحم، أو الكبد، أو الطحال، فإن هذه لا تحرم استنادا لهذا القيد.

وقد نقل الإجماعَ القرطبيُ في تفسيره: على أن الدم الذي أطلق في بعض النصوص مقيد بالمسفوح الذي ورد ذكره في آية الأنعام، وفيه أمثلة أخرى، لكن نكتفي بهذا.

اترك ردّاً

Call Now Buttonاتصل الآن