Call us now:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد عليه وعلى أله أفضل الصلاة وأزكى التسليم أما بعد، ذكر المحامي والدكتور تفصيلا حول موضوع الاختصاص القضائي وفيما ياتي اهم ماذكر فيها :
تعريف الاختصاص القضائي في الأنظمة:
تعريف الاختصاص
أ- الاختصاص في اللغة :
مأخوذ من مادة خَصَّ، تقول: اختصَّ فلان بكذا، إذا انفرد به دون غيره، واختصّه بالشيء، إذا خصه به وفضله واختاره واصطفاه، والتخصيص ضد التعميم.
ب- الاختصاص في اصطلاح النظام القضائي:
“السلطة التي خولها القانون لمحكمة ما في الفصل في نزاع ما.
ت- مما سبق تتضح العلاقة الوثيقة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي . فالاختصاص كما سلف يأتي بمعنى الانفراد والاصطفاء ونقيض التعميم. وهذا المعنى واضح وجلي في المعنى الاصطلاحي؛ حيث فيه انفراد هذه الجهة القضائية عن غيرها بهذه القضية لصفة وجدت فيها مما جعلها تختص بها دون سواها، لذا اختيرت لهذه المهمة والنوع، إذ الخصوصية كما جاء في معجم لغة الفقهاء لا تكون إلا لصفة توجد في شيء ولا توجد في غيره.
في تعريف القضاء.
أ- القضاء في اللغة :
من مادة “قَضَيَ”، ويأتي في اللغة بمعان، منها: الحُكْمُ والفصل، تقول: قضيت بين الخصمين، وبمعنى: الأَمْر، قال الله سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا}، وبمعنى: الفراغ، تقول: قضى حاجته، وبمعنى: البيان، قال تعالى: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُه}، وبمعنى: القَتْل، تقول ضربه فقضى عليه، وبمعنى: الأداء والانتهاء، تقول قضى دينه، وبمعنى: مات، تقول قضى فلان أي : مات حَتْفَ أَنْفِهِ من غير ضَرْبٍ ولا قَتْلٍ، وبمعنى: قدَّر وصَنَع.
ب- وأما القضاء في الاصطلاح :
فقد تفاوتت عبارات المعرفين لذلك قرباً وبعدا ، وإن كانت كلها تدور حول معنى واحد ، وهو أن القضاء في الحقيقة هو فصل الخصومات، وقطع المنازعات بطرق مخصوصة، وإن قُيدت ذلك بقيود أو وضحت بإيضاحات لإخراجه عن معناه اللغوي، ومن هذه القيود: أن يكون هذا الفصل على سبيل الإلزام بواسطة الإخبار عن حكم الشارع في الوقائع المعروضة .
والتعريفات في غالبها لا تخلو من مأخذ وانتقاد، ويكفي أنها تقرب صورة المعرَّف به إلى الذِّهن.
ولعل أقرب هذه التعريفات وأجمعها: “مَنْصِبُ الفَصْلِ بين الناس في الخصومات حَسْماً لِلتَّداعِي، وقطعاً للتَّنَازُعِ، بالأحكام الشرعية المُتَلَقَّاةِ من الكتابِ والسنةِ”.
وقد تميز هذا التعريف بذكر الغايةِ من القضاءِ، وأَداتِه، والجِهَةِ التي تقومُ به .
ث – والعلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي، هو أن لفظ القضاء وإن كان يأتي بمعان عدة في اللغة إلا أن المعنى المناسب للمعنى الاصطلاحي هو: الحكم والفصل، مع الأخذ في الاعتبار بعدم خلوه عن أكثر تلك المعاني؛ لأن القضاء فيه: معنى الانتهاء، والأمر، والبيان، ونحو ذلك.
تعريف النظام .
أ- النظام في اللغة :
التأليف، وضم الشيء إلى الشيء، وكل شيء قرنته بآخر أو ضممت بعضه إلى بعض فقد نَظَمْتَه، ونظام كل أمر: مِلاَكُه، وقِوامُه، وعِمادُه، وجمعه: أنْظِمَة، وأَناظِيم، ونُظم.
ب- أما النظام في الاصطلاح فيمكن أن يعرف من ناحيتين:-
أولاً = باعتبار موضوعه؛ ” هو عبارة عن مجموعة من الأحكام التي تتعلق بموضوع محدّد، وتعرض في صورة مواد متتالية.
ثانياً = باعتبار الشكل؛ ” وهو عبارة عن وثيقة مكتوبة تصدر ممن يملك حق إصدارها – وهو في الغالب رئيس الدولة – تهدف إلى تنظيم سلوك الأفراد في مجتمعهم، وإدراك مصالحهم.
وعرفه بعضهم بأنه: “مجموعة من القواعد المنظمة لهيئات السلطة القضائية في الدولة ولولايتها.
ونحن نجد في دولة واحدة أنظمة كثيرة تحكمها، وتسوس رعيتها بما يعود عليهم بالمصالح، ويدفع عنها القبائح. فهناك نظام الحكم، ونظام القضاء، ونظام الاقتصاد، ونظام التعليم، ونظام الشورى، وغيرها من الأنظمة، غير أن جميع هذه الأنظمة تابعة لنظام حكم الدولة الذي يحكم الجميع.
ت- وتتضح العلاقة بين المعنيين بالنظر إلى التعريف اللغوي حيث جاء فيه: “التأليف، وضم الشيء إلى الشيء…”، وبالنظر إلى التعريف الثاني في المعنى الاصطلاحي حيث قال: إنه: “مجموعة من القواعد…”، تجد أن العلاقة وثيقة، حيث وجد في كليهما معنى الجمع والتأليف.
تعريف “الاختصاص القضائي في الأنظمة”
باعتباره عَلَماً
لقد سبق أن عرَّفنا مفردات هذا الموضوع؛ “الاختصاص”، “القضاء”، “النظام”، وفيما يلي نعرفه باعتباره عَلَماً على هذا الفرع من فروع القضاء، فنقول : الاختصاص القضائي في الأنظمة هو “تخويل ولي الأمر، أو نائبه لجهة قضائية سلطة قضاء الحكم في قضايا عامة، أو خاصة أو معينة ، وفي حدود زمان ومكان معينين . أو هو: قدر ما لجهة قضائية ، أو محكمة من ولاية في فصل نزاع من المنازعات.
وبالتالي فتحديد اختصاص محكمة معيّنة يقصد به تحديد القضايا التي تباشر المحكمة بصفتها سلطة القضاء ، والقواعد المنظمة للاختصاص التي تهدف إلى بيان حدود ونصيب كل محكمة من القضايا التي تدخل في ولاية الجهة التي تتبعها هذه المحكمة ؛ إذ لا يتصور أن تقوم في الدولة محكمة واحدة تعرض أمامها جميع المنازعات.
فالصلاحيات تتحدد وفقاً لمعايير محددة ، وقواعد منضبطة على أساس الزمان، والمكان، والنوعية، والقيمة التي تباشر فيه الجهة المخولة ولايتها فيه دون أن تتجاوز حدودها.
والمتتبع لنظام القضاء السعودي في تولية القضاة يجد أن الأصل فيها الاختصاص، إذ ليس هناك قاض له مطلق السلطة زماناً، ومكاناً، ونوعا.
تجدر الإشارة هنا إلى أن اختصاصات المحاكم الشرعية قد جاءت موضحة في نظام القضاء الصادر بمرسوم ملكي (م/648) في (14/7/1395ﻫ) .
الاختصاص القضائي في النظام
لقد تأسست المملكة العربية السعودية بقيادة مؤسسها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (ت 1373ﻫ) رحمه الله في مطلع القرن الرابع عشر الهجري، (1319ﻫ -1902م). سهر بانيها ومؤسسها الملك الراحل، عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود طيب الله ثراه على وضع دعائم الرقي والتقدم للبلاد من جميع النواحي؛ الأمني، والاقتصادي، والإداري، وشمل ذلك تعيين حكام الأقاليم، وإسناد مهام الإدارة إليهم، ما عدا الخارجية والمسائل العسكرية اللتين كانتا محصورتين بيد الملك طيب الله ثراه.
إن ما تقوم به المملكة العربية السعودية من جهود مضنية في إعمار الحرمين الشريفين وخدمة الحجاج والزوار والمعتمرين، وتوفير سبل الراحة لهم، مكَّنَها من الاتصال بالعالم الخارجي عبر وسائل متعددة. كما أن ريادتها في تطبيق شرع الله في ربوع بلادها، والتزامها بمبادئ الإسلام في كافة مجالات الحياة كان له أثر واضح على استتباب الأمن، وتوفير رغد العيش في أرجاء البلاد.
فأُنْشِأت المحاكم التي تحَكِّم شرع الله على اختلاف درجاتها واختصاصاتها، كما أُصدرت الأنظمة واللوائح – والتي تطورت مؤخراً – لترتب شئون هذه المحاكم، وتبين حدودها وصلاحياتها.
فمن أولى الخطوات الأمر بتشكيل المحاكم وتحديد اختصاصاتها : صدور المرسوم الملكي في عام 1346ﻫ يقضي بإنشاء المحاكم على ثلاث درجات، وهي:
“1- محاكم الأمور المستعجلة (محاكم جزئية).
2- محاكم كبرى، ومحاكم ملحقات، وهما عبارة عن محاكم عامة.
3- هيئة المراقبة القضائية (محكمة التمييز).
وقد تضمن المرسوم النص على اختصاصاتها.
فالجهود مبذولة في سبيل رفع مستوى الأداء في الجهاز القضائي بسن الأنظمة، وبناء المحاكم ، وتعيين القضاة المتخصصين في القضايا المختلفة .