Call us now:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد عليه وعلى أله أفضل الصلاة وأزكى التسليم أما بعد، ذكر المحامي والدكتور تفصيلا حول موضوع أثر الغبن على العقود وفيما ياتي اهم ماذكر فيها :
أثر الغبن على العقود
بداية يجب أن نعلم ما هو الغبن؟
للغبن تعريفات عديدة ومن أدق تعريفاته التي تغطي عقود المعاوضة: أن يكون أحد البدلين في عقد المعاوضة غير مكافىء للآخر في القيمة عند التعاقد.
وقد عرف بعض الفقهاء الغبن أيضاً بأنه بيع السلعة أو شراؤها بما يزيد أو يقل عن ما جرت عليه عادة الناس.
كما لو اشترى شخصاً قطعة أرض بمائتي ألف ريال في حين أن ثمنها الحقيقي لا يتعدى مائة وأربعون ألف ريال ففي هذه الحالة يكون المغبون هو المشتري.
أما لو اشترى شخصاً قطعة أرض بمائة وأربعون ألف ريال في حين أن ثمنها الحقيقي لا يقل عن مائتي ألف ريال ففي هذه الحالة يكون المغبون هو البائع.
أنواع الغبن
ينقسم الغبن في العقود إلى نوعين وهما:
-
غبن يسير
-
غبن فاحش
وقد انقسم الفقهاء في التفريق بين الغبن اليسير والغبن الفاحش إلى رأيين:
الرأي الأول: أن يتم تحديد الغبن الفاحش بنسبة معينة من القيمة وبذلك يكون الغبن اليسير ما قل عن هذه النسبة
ومن الأقوال في هذا الرأي قوق الحنابلة: أن الغبن يكون فاحش إذا بلغ سدس القيمة الحقيقة للسلعة، وأن الغبن اليسير يكون إذا قل المبلغ عن ذلك
كما ذهب بعض الحنابلة وبعض المالكية إلى أن الغبن الفاحش يُقدر بثلث القيمة الحقيقية للسلعة سواء كان هذا الثلث بالزيادة فيكون المشتري هو المغبون أو بالنقصان ويكون البائع هو المغبون، وحددوا الغبن اليسير بما قل عن الثلث.
وقد ذهب أحد الحنفية إلى أن الغبن الفاحش هو ما يزيد عن نصف عشر القيمة الحقيقية للسلعة، ويكون الغبن اليسير هو ما قل عن نصف العشر.
الرأي الثاني: أن تقدير مقدار الغبن اليسير والغبن الفاحش يُحدد بحسب العرف وأهل الخبرة.
وقد رجح هذا الرأي بعض من الفقهاء كالحنفية وبعض من المالكية، وقد ذهب الحنفية إلى أن الغبن الفاحش هو ما لا يدخل تحت تقدير أهل الخبرة وأصحاب الشأن في السلعة المبيعة، أي ما يزيد أو ينقص عن القيمة التي يحددها أهل الخبرة وأصحاب الشأن في السلعة المبيعة، والذي قد يختلف تقديرهم لقيمة السلعة من شخص لآخر ولكن غالبًا ما تكون أقوالهم متقاربة كما لو قدرها أحدهم بألف ريال وقدرها الأخر بثمانمائة فقط..وهكذا، وبذلك يكون ما خرج عن تقدير المقومين في هذه الحالة يكون غبنٌ فاحش، أما لو تم البيع بما يساوي تقدير أحد المقومين فيُعد غبن يسير.
كما أن هناك رأي لبعض المالكية وبعض الحنابلة بأن الغبن الفاحش هو ما خرج عن المعتاد وقد سببوا ذلك بأنه لم يُحدد في الشرع مقدار الغبن الفاحش أو اليسير فبالتالي يرجع الأمر إلى العرف.
حكم الغبن و أثر الغبن على العقود
قد حرمت الشريعة الإسلامية الغبن لما يحمله من ظلم وضرر، ولكن هناك اختلاف بين حكم الغبن اليسير والفاحش وأثر الغبن اليسير والفاحش علي العقود .
فالغبن اليسير؛ لا يؤثر في العقد، حيث يبقى العقد صحيح ولازم وحتى وإن احتوى على غبن يسير، وقد اعتاد الناس على إغفاله والتسامح فيه لكثرة احتمالية حدوثه.
وقد استثنى الفقهاء بعض العقود من ذلك واعتبروا وقوع الغبن بها مؤثرًا حتى ولو كان يسيرًا ومنها:
- إذا باع رب المال مال المضاربة
- إذا باع أو اشترى المريض مرض الموت من أو إلى وارثه
- إذا باع شخص مريض بغين يسير لسداد دين عليه، فيجوز للمريض فسخ العقد أو أن يُتمم المشتري القيمة الحقيقية للمبيع
فهذه المعاملات لا تجوز ولو بغبن يسير، وإلا كانت عُرضة للفسخ.
أما الغبن الفاحش؛ اختلف الفقهاء في بيان حكم الغبن الفاحش وقد ربطه بعضهم بما إذا كان الغبن بسبب تغرير(أي خداع) أو بدون تغرير، ولكن اتفق الفقهاء أن بعض العقود تتأثر بالغبن الفاحش وإن لم يصاحبه تغرير ومن هذه العقود:
- التصرف الصادر من القيم في مال المحجور عليه سواء للسفه أو للجنون.
- التصرف الصادر من الوصي في مال اليتيم.
- التصرف الصادر من ناظر الوقف في المال الموقوف.
وتشترك هذه العقود في أن المتصرف يكون صادرًا من ولي على مال، ويكون تصرف هذا الولي بالغبن الفاحش غير جائز حتى ولو لم يصاحبه خداع.
أما عن اختلافهم في حكمه وأثره على باقي العقود فقد تباينت الأقوال بين كونه سببًا لبطلان العقد والفسخ وبين محاولة تصحيح الغبن بإعادة الثمن إلى حقيقته، ومن هذه الآراء:
- قول الحنفية والمالكية والحنابلة: وهو أن يكون للمغبون الحق في اختيار إكمال العقد أو فسخه.
- وقد قال جماعة من فقهاء المذهب الحنفي وبعض الشافعية أن الخيار بالغبن يثبت إذا كان بسبب تغرير.
- وأكثر الشافعية قالوا العقد يكون صحيح ولازم وعلى العاقد المغبون أن يتحمل ما قام به من بيع أو شراء.
- أما قول الظاهرية وهو أشد الأقوال والذي يتجه إلى أنه يترتب على الغبن إبطال العقد حتى ولو علم الطرفان بالغبن وتراضيا به.